فأما السبب الأول والثاني فإني مع كوني بحسب كمالكم وتيقظكم أنزه وجدانكم وعقلكم وحكمتكم وغيرتكم على الإسلام عنهما أقول لكم أخواننا الأعزاء اعتبروا فيمن هم أشد منكم قوة وآثاراً على الأرض وأغزر عرفاناً وأكثر عدداً وأكمل عدداً فقد اغتروا مثل اغتراركم وطمعوا مثل طمعكم فما سلموا حتى ودعوا وما تم لهم السعي المدسوس في الانفصال عن الدولة العلية حتى التقمهم العدو وحاق بهم وبزعمائهم الشقاء الأبدي ولا نذهب بالتاريخ بعيداً بل نلتفت أدنى التفاتة إلى مصر والجزائر وتونس وها هي مراكش بين فرانسا وإسبانيا في حالة نزع ولا سبب لذلك سوى الطمع في الرياسة وحب المال على أن زعيمكم أخواننا الأعزاء تكفيه رتبته الأدبية التي حصل عليها في نظركم ونظر الدولة والعموم فإنها عند الله وعند الناس أكبر من كل رياسة لأنها توجب أن رؤساء السياسة يخدمونه ويمتثلون أمره ويهتدون بهديه وتصلح به العباد والبلاد وتفاض عليه النعم الدنيوية والأخروية ويكسب بذلك رضا الله والالتفاف التام من خلق الله وأما إن كان إشهاركم السيف وهجومكم على سفك دماء المسلمين وركوبكم هذا المركب الوعر ديناً ودنيا تتقصدون به دفع الظلم عنكم وإقامة الشريعة المطهرة بينكم وهذان هما السببان الثالث والرابع فاعملوا يا أخواننا الأعزاء أن دار الخلافة في هذا الوقت أول بلاد الله في الإسلام يقام بها دين الإسلام وأن سلطنة آل عثمان هي السلطنة الوحيدة المحافظة على شعائر الإسلام وهاكم البيان أن الصلاة التي هي عماد الدين مقامة بدار الخلافة بأبهى معناها وأن الجماعات والجمع محافظ عليها تمام المحافظة ولن تذهب مائة خطوة في الغالب إلا وتجد جامعاً أو مسجداً مقاماً حساً ومعنى ولن تدخل إلى جامع في وقت من الصلوت إلا وتجده عامراً بكل طبقات الأمة من الصبيان والشبان والكهول والشيوخ ورجال السياسة ورجال الجهلاد ورجال العلم وعامة الناس من الذوات والتجار وغيرهم ترى الضابط من فريق فما دون يدخل وقت الصلاة إلى الجامع بسيفه وأوسمته التي تمثل منه رجلاً عزيز الجانب قوياًَ متيناً كالأسد الكاسر أمام العدو فينزع ذلك ويضعه أمامه ويندمج في أخوانه المسلمين بغاية التذلل والخضوع قابضاً يديه مستقبلاً القبلة معترفاً بتمام الذل والعبودية والفقر ممثلاً في عينيه قوله تعالى:(أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم)(أربع أسطر غير واضحة صفحة٤٢٢)