ثم قال ما معناه فما أجدر الحكومة أن تقتدي بأقرب الدول مصلحة منها نعني إنكلترا فإن هذه الرذيلة غير مباحة فيها ليس في إنكلترا أماكن عمومية لهذا العرض مطلقاً وربما كان ذلك عندها فيما مضى لكنها أصدرت الأوامر المشددة بمنع هذا المنكر من بلادها. منذ عشرات السنين فهل نعد ذلك انحطاطاً؟ أم هو فضيلة يحق لإنكلترا أن تفاخر بها أمم الأرض؟ أه.
تأمل أيها القارئ وناد معنا أين المتفرنجون أينهم الذين يحبون أن نقلد الغربيين هلا كرهوا البغاء كما كرهته إنكلترا وشددوا على البغايا كما شددت هي عليهم هلا طلبوا من الحكومة وهي إسلامية منع أن يكون في البلاد أماكن عامة لهذا الغرض السافل ولو بقصد تقليد الإنكليز كما هي عاداتهم ولكن أبى الله إلا أن يظهر للناس مكنونات سرائرهم وخفايا ضمائرهم وأنهم إنما يدعون لتقليد الغربيين فيما يضر بالأمة ويفسد عليها أخلاقها وإلا فلم لم يقتدوا بالحكومة الإنكليزية ولم يطلب بعضهم من حكومة دمشق (وهي قاعدة البلاد الإسلامية) إرجاعهم إلى محالهم الأولى أو تخصيص محلة مستقلة لهم وأن تعين لهم الحكومة الأطباء والمستشفيات سيقول بعض الناس وماذا عسى تفيد الكتابة أو ينفع الالتجاء إلى الحكومة؟ ومتى كان الخصم الحكم؟ لولا رضا الحكومة لما قامت للمنكرات والفواحش قائمة والدستور أباح كل شيء الخ نقول في الجواب لهم هذه الفكرة بعينها هي فكرة أولئك المتفرنجين أعداء الخلافة الإسلامية والحكومة العثمانية فهم يجتهدون في إذاعتها ويسعون جهدهم بانتشارها لتتحدث في داخلية الحكومة المشاكل وتخلق الحوادث وتكره الحكومة الشعب ويكره الشعب الحكومة ويتخذون من وراء ذلك يداً عند الحكومات الأجنبية وذكراً لديها ألا فليتق الله هؤلاء المتفرنجون وليعلموا أن زخرف أقاويلهم وبهرج أباطيلهم لا يحول قط بين الحكومة والشعب ولا بين الشعب والحكومة فحكومتنا على كل حال إسلامية وإن رغمت أنفوهم دستورية وإن حرجت صدروهم تقوم إن شاء الله بمحافظة الشرع وآداب الدين.
فلقد علمنا أنها منعت ما هو أدنى من الزنا وأقل نكراً منه منعت من عاصمتها تبرج النساء واختلاطهن بالرجال في مثل يوم عيد الدستور منعت الصبيان من الحمامات، منعت أهل البصرة من نصب تمثال لمدحت باشا، قرر مجلس وكلائها منع انتشار كتاب تحريم المرأة