الذي تعد سقطاته وتحصى غلطاته والكمال من جميع الجهات في كل أمر إنما هو لله وحده.
ولعمر الحق أننا أولي الأمم بالاعتناء والاحتفاظ بشأن لغتنا الفصحى التي هي عندنا لغة الدين والعلوم ونحن إذا أخلصنا الخدمة لهذا اللسان المبين وأحسنا القيام بواجباته فلسنا نخدم بذلك العرب فقد بل نخدم المسلمين قاطبة من أي عنصر كانوا وحيثما أقاموا.
فموضوع اللغة هو الذي يجب علينا القيام بلم شعثه، وضم نشره، وإظهار معالمه وتصحيح الخطأ الذي ينتابه، ورد الشبه التي تتوارد عليه، فتمسخ الألفاظ وتنسخ المعاني.
فحسبنا ما فرطناه في جنب اللغة حتى كادت تكون أثراً بعد عين، وتصبح عسلطة كرطانة البرابرة، وزمازم العلوج، وأصبحنا ونحن المنتمون إلى ملوك الكلام نرتضخ اللكنة الأعجمية ونوشك أن نندمج في بقية العناصر أو نستحيل انقلاب إلى عنصر جديد مستعجم. فيصدق علينا قول أبي العلاء:
أين أمرء القيس والعزاري ... إذ مال من تحته الغبيط
استنبط العرب في الموامي ... بعدك واستعرب النبيط
وكأننا لا نبالي بأن ننسلخ من هذا العنصر الصميم الكريم الذي يشهد له بالمجد والسؤدد والعظمة حتى المستشرقون والمستشرقات من الإفرنجة والفضل ما شهدت به.
وهلا نهب الآن من سباتنا ونزاول إزالة ما حال بيننا وبين لساننا المجيد من العقبات العنودة بأن نعمل معاً معاشر الكتاب على إزاحتها مهما كثرت وصعب خطبها فإن همم الرجال تزيح الجبال ولله در القائل:
لاستسهلن الصعب وأدرك المنى ... فما قادت الآمال إلا لصابر
وهلا نستمع لصوت هذه اللغة التي قامت اليوم تستصرخ بأبنائها مما ابتليت به ممن يتجرأ على القول بوجوب إهمالها وإلغائها ونبذها ظهرياً وأن يستعاض عنها بالمتداول على ألسنة السوقة وعامة الناس مما يتخاطب به الأوباش والهمج ويتحاور به الرعاع والطغام من تلك اللغة الملفقة والمبتذلة المشحونة بالرطانة واللكنة والمشينة بالكلمات الأعجمية التي عنها الحافظ إبراهيم ذلك الشاعر الخنذيذ المفلق بقوله:
فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة ... منوعة الألوان مختلفات
وإننا مع كوننا من عشاق حرية الفكر لنستهجن رفع العقيرة بمثل هذا الرأي الفطير البديهي