فيها الوقت إنما يفيد مجموعها أن المتعة كانت حلالا ثم حرمت تحريماً مؤبداً وهذا هو مطلوبنا وأما أخبار فتح مكة فما دل منها على مجرد الإباحة والنهي فواضح أنه لامنافاة بينه وبين غيره إذ لايستفاد منه إلا مااستفيد مما قبله من أن المتعة كانت حلالا ثم حرمت.
وأما الروايتان اللتان زعم مؤلف الرسالة أن ظاهر إحداهما يدل على أن الأذن إنما كان بعد خمسة عشر يوماً من دخول مكة وأن الثانية تدل على أن الأذن قد حصل حين دخولها فليس بينهما اختلاف يدعو إلى عدم التعويل عليها كما زعم إذ الاختلاف الذي يدعو إلى عدم التعويل إنما هو التناقض الذي هو اختلاف القضيتين بالإيجاب والسلب. وما هنا ليس كذلك وقول سيرة فأقمنا بها خمس عشرة ثلاثين بين ليلة ويوم فأذن لنا الخ لا يقتضي أن الأذن لم يحصل إلا بعد دخولهم بخمسة عشر يوماً إذ الفاء كثيراً ما تستعمل لمجرد العطف من غير تعقيب كما هو مقرر في محله وعلى تسليم أن الأمر كذلك لا منافاة بين هذه الرواية والرواية الثانية التي ظاهرها حصول الأذن حين دخول مكة إذ المراد بالحين المذكور في هذه الرواية هو مجرد الزمن سواء كان ساعة الدخول من غير تراخٍ أو كان بعد ذلك ولو بمدة طويلة وهذا الاستعمال شائع معروف حتى في لفظ يوم الذي هو من ظرف الزمان المحدود له وله نهاية ومع ذلك فقط أطلقوه غير مرة على معنى الزمن المطلق كقولهم يوم الفتح ويوم بدر ونحو ذلك يعنون به جميع الوقت الذي حصلت فيه الوقعة فإذا صح هذا في مثل يوم وهو زمان محدود كما تقدم فصحته في مثل لفظ الحين من باب أولى.
وأما الرواية التي أفادت أن سبرة رضي الله عنه خرج مع رجل من قومه ابن عم له فلا منافاة بينها وبين الرواية التي أفادت أنه خرج مع رجل من بني سليم إذ كثيراً ما يكون الإنسان منسوباً إلى قبيلة من القبائل ثم ينسب لقبيلة ثانية أيضاً لأمر يستدعي ذلك ككون إقامته في القبيلة الثانية أو أن ولاءه لها فتارة ينسبونه إلى القبيلة الأولى لأن نسبه فيها وتارة ينسبونه إلى القبيلة الثانية لأن إقامته فيها مثلاً وكذلك قول الراوي خرج مع رجل من قومه ابن عم له وقوله خرج مع رجل من بني سليم فلا مخالفة بين الروايتين المذكورتين وأما الراوية التي أفادت أن سبرة رضي الله عنه تمتع بامرأة من بني عامر ببرد واحد لا منافاة بينها وبين الرواية التي أفادت أنه تمتع بامرأة منهم ببردين أحمرين إذا