القرآن) وبعده ظهر بعض الممثلين لابساً البرنيطة كل ذلك بحضور بعض أهل العلم من غير إنكار أحد منهم على ذلك ثم أن السائل حضر خطبة الجمعة في الأموي فسمع خطيبه العلامة المفضال يذم التمثيل المذكور ويحظره بتاتاً فوقع السائل المذكور في حيرة عظيمة فالتمس الجواب.
(الجواب) إن الكلام على ذلك من وجهين (الأول) في التمثيل وهو في اللغة التصوير في الصحاح ومثل له كذا تمثيلاً إذا صور له مثاله بالكتابة أو غيرها وأما المثل فجمعه أمثال في الصحاح أيضاً والمثل ما يضرب به من الأمثال وهو قول سائر لتشبيه شيء بشيء آخر وبهذا تبين أن التمثيل الذي نحن بصدده ليس من التمثيل لا من الأمثال بل الأليق والأحرى به أن يدعى تلبيساً أو تدليساً وكذباً الخ وإذا لقب أثناء الحجاج بالتمثيل فلقصد الحكاية فقط فليتنبه له. والتمثيل المذكور عبارة عن تمويه وجوه الصبيان المرد بما للرجال من شارب ولحية وكلاهما عارية من شعر أو صوف أو غير ذلك وتبديل ثيابهم ولبستهم بزي تخيلوه بفكرهم يحكي زي الملوك الماضيين والأمم السالفين حتى أن كل شخص منهم يسمى باسم ملك أو وزير أو جليل أو حقير هذا هو التمثيل الذي نوهبه ذلك الجاهل فليتأمل. وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع لوجوه (الأول) كونه كذباً قولاً وفعلاً كما سمعت وهو أيضاً من الافتراء على أولئك الرفات قال تعالى (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله) الآية إذ كل قول أو فعل ما لم يعلم أخذن من كتاب أو سنة ولم يقل به أمام من أئمة الدين فهو رد لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وهو أيضاً من البدع السيئة المنهي عنها كما في آخر حديث طويل إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة رواه أبو داود والترمذي وفي مسلم في شق حديث ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ولا عبرة في الأقوال والأفعال بمجرد عمل العوام بها وأن غلوا في مدحها لأنهم ليسوا من أهل النظر في الشرعيات ولا يفهمون الحجة ولا يعقلون البرهان وأعظم من هذا افتراء وأشد معصية تفسيره القرآن برأيه لحديث من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار قال في الأحياء، هنا أثناء كلام له ما لفظه وأما النهي فإنه ينزل على أحد أمرين أحدهما أن يكون له في الشيء رأي وإليه ميل من طبعه وهواه