برقة وبني غازي منبتة وبها عيون ومراع يخرج منها القمح والذرة وغيرها من أنواع الحبوب وسواحلها محصنة بالقلاع المتينة وتمسك أهلها بالعصبة العربية الإسلامية والخلافة العثمانية يحول دون مطامع كل طامع والتعليمات العسكرية منبثة هناك بين سائر العشائر والقبائل وهم في غاية الإقبال على تعلمها والميل إليها والخدمة العسكرية عندهم فرض على كل قادر على حمل السلاح. هذا وقد اضطررنا لكتابة ما تقدم ليعلم من لم يكن عظمة هذه البلاد وغزارتها وما كانت عليه من الجودة والرخاء وكيف أن غفلة أهلها عن مكايد الأعداء واسترسالهم في صحبتهم أدى بهم أولاً وأخراً إلى ما هم عليه الآن. وبعد فليعلم العالم أجمع أن هذه البلاد عثمانية وأن كل شبر منها جزء عظيم من الدولة لايمكن أن ينفصل عنها بقوة الله حتى لا يبقى في العثمانيين دم يجري ولا عرق ينبض.
إيطاليا وطرابلس الغرب
باغتتنا دولة إيطاليا بأمر غير منتظر ألا وهو رغبتها باحتلال طرابلس الغرب وضمها إلى أملاكها وقد قدمت مذكرة للباب العالي جعلتها مبررة لهذا العمل الفظيع بينتا فيه أن الحكومة تسعى في عرقلة مساعيها الاقتصادية في تلك الولاية وتمنعها بعض امتيازاتها المشروعة إلى غير ذلك من الأباطيل التي تستند عليها لتموه أنها مطالبة بحق. أو مضطرة إلى حماية رعاياها ومصالحها، والحقيقة التي ينبغي أن نعتقدها ونثق بصحتها تام الوثوق هو أن دول أوروبا منذ تداخلت في شؤوننا لم ننتظر منا إلا مضايق الضعف لتوسعها. ومكامن المغانم لتجرها. وكل دولة من دول أوروبا إذا بدن لنا مودة وصداقة فلمطمع وغاية فليس منها من يضمر لنا الخير مجاناً. وأو يحبنا رغبة بنشر مبادئ العدالة والإنسانية الكاملة كما يدعون وسوق الأدلة على ذلك يكاد عبثاً بعد ما صار معلوماً عند أكثر العقلاء بالبداهة.
استعادت الأمة العثمانية دستورها بسيوف أبطال جيشها وأركان أحرارها وتأهبت للسير في طريق الإصلاح من جميع وجوهه وأملت بمستقبل زاهر يرفعها إلى مصاف أعظم الدول الراقية لما لها من الاستعداد العقلي لكل رقي ونجاح. فبدأت بإصلاح جيشها وبحريتها وتنظيم ماليتها فشعرت أوروبا بأن الدولة العثمانية إذا سلكت طريق الإصلاح لا تلبث غير قليل حتى تصبح ذات مكانة، تساعدها على حفظ أملاكها. وعلى المطالبة بحقوقها المهضومة.