فعولت على عرقلة مساعيها وخلق المشاكل لها حتى لا تتمكن مما تبتغيه من الإصلاح فلم يمض ثلاثة أشهر على إعلان المشروطية حتى أعلنت دولة بلغارية استقلالها ورفع سيادة الدولة العلية عنها.
وما صدقت النمسا إن رأت بلغاريا تفعل هذا الفعل حتى قامت تعبث بحقوق سيادة الدولة العلية على ولايتي البوسنة والهرسك فأعلنت ضم هاتين الولايتين إلى أملاكها. فقامت الدولة العليا تحتج لدى الدول على هذه الأعمال الغير المشروعة والمخالفة لمعاهدة برلين الموقع عليها من جميع الدول العظمى (ومتى كان الخصم قاضياً منصفاً؟) ولم يكن من مصلحة الدولة العلية أن تعلن الحرب على دولتين معاً في وقت تعد فيه كأنها في مبدأ تكوينها وأول نشأتها ولم ترَ من باقي الدول مساعداً لها على الاحتفاظ بحقوقها وإيقاف المعتدين عند حدهم فاضطرت لارتكاب أخف الضررين فمنحت بلغاريا استقلالها. والنمسا الولايتين المذكورتين في مقابلة تعويض مالي وظن العثمانيون إن ما جرى نهاية الحوادث. وخاتمة الكوارث وأخذوا يمهدون طرق الرقي للسير عليها. فلم يرق ذلك في أعين أوروبا لأنها اعتقدت أننا صائرون إلى الإصلاح وأننا إذا بلغنا الوطر منه وأصبحنا دولة منظمة قوية مالاً وجنداً لا يتأتى لها العبث بحقوقنا كلما لاحت بارقة أمل وساعد عليها الطمع الشعبي فما فتئت تخلق لنا المشاكل الداخلية والخارجية. ولا نكاد ننتهي من ضمد جرح حتى نجد أنفسنا أمام غيره. فمشكلة كريد واليونان لا تزال على حالها من يوم أعلن الدستور إلى اليوم ولا تزيد على طول الأيام إلا تعقيداً. ولا نزال من وقت إلى آخر يزداد صداها في الأندية السياسية على غير جدوى. والمسلمون في كريد يضطهدون ويسامون العذاب. ولم تشأ الدول الأربع الحامية لكريد محافظة على حقوقنا أن تحل هذه العقدة وتوعز إلى ملك اليونان بأن يتنازل عن المطالبو بشيء غير مشروع أضف إلى ذلك مشاكلنا الداخلية التي أدمت القلوب وكانت تذهب القوى وأعظمها فتنة الألبان واليمن التي لم يكن منشؤها إلا دسائس أجنبية وما أصعب أن يقتل المرء ولده في ساحة الوغى ولكن؛
إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا ... فلا يسع المضطر إلا ركوبها
وهل يحتاج ما ذكر إلى دليل في الفتنة الأخيرة. وتؤدي الفار منهم وأخيراً تساعد العصاة الماليسور في الفتنة الأخيرة. وتؤوي الفار منهم وأخيراً لما اتفقوا مع أمهم العثمانية واخلدوا