إلى الطاعة ساء ذلك حكومة الجبل المذكور. وسعت بعقلة المساعي السلمية بكل مافي وسعها فلم تنجح.
وهاهي اليوم إيطاليا تحفزت لالتهام ولاية طرابلس الغرب تلك الولاية العظيمة الواسعة المدى المترامية الأطراف فأرسلت إليها أسطولها بقصد احتلالها وإنزال جندها إليها واحتجت لتبرير عملها كما أسلفنا بحجج واهية لم ير أحد حقيقتها حتى أن الدافعين لإيطاليا على هذا العمل والمشوقين لها عليه لم يقدروا على المجاهرة باستحسان هذا العذر المشين وكثير من ساسة الأوروبيين صرحوا بفظاعته ولكن هل يفيد التصريح بالفظاعة شيئاً مع الإقرار على العمل.
إن دول أوروبا لا تروق بعينها نهضة العثمانيين لأنهم يعملون أن رقي العثمانيين رقي للعالم الإسلامي بأسره الخاضع للخلافة العمى والإمامة الكبرى فلا عجب إذ لم نر منها تداخلاً حقيقياً في مسألتنا الحاضرة وإيقافاً لإيطاليا عن أن تطال إلى ما ليس من حقها ولا في وسعها الحصول عليه ولكنهم سيتوسطون متى رأوا فشل إيطاليا الذي ظهرت بوادره ولله الحمد فقد بشرت البرقيات بغرق جملة من سفنها الحربية تجاه طرابلس بقنابل معاقلها وحصونها وهمة وغيرة جندها وأهلها وسترى من بأس العثمانيين وشدتهم ما تذم معه غب سراها وتنحي باللائمة على تطوحها والدافعين لها إليه (وعلى الباغي تدور الدوائر) ولن تصل إن شاء الله لامتلاك شبر من طرابلس الغرب مادام العثمانيون يبذلون آخر نقطة من دمهم في سبيل المحافظة عليها.
فيا أيها المسلمون حافظوا على إخوانكم وساعدوا دولة الخلافة التي هي عزكم وعليها مدار وجودكم واستقلالكم وحفظ دينكم فأنتم معروفون بالشمم وإباء الضيم وحب المجد وكراهية الذل واخلصوا النية في الأعمال (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
طرابلس والإعانة
في دمشق
كان لنبأ اعتداء إيطاليا وقع سيء في نفوس عموم العثمانيين، تمزقت له الأحشاء، وانفطرت له الأكباد، وبدت علائم الحمية على وجه كل عثماني، وأخذت منهم الحماسة مأخذها. وأصبح أكثرهم يجب أن يكتب في دفتر المتطوعين، نعم أخذوا يشعرون بوجوب