للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المساكين. ثم تلاه حضرة العالم الفاضل والأديب الكامل الشيخ عبد الجليل أفندي الدرا بخطاب مؤثر للغاية. دعا الناس فيه إلى الجهاد في سبيل الله فيما إذا دعتهم الدولة العلية. وبين لهم لذة الاتفاق والوفاق وأمرهم بالاطمئنان والسكون ثم تلاه الشاعر المجيد الفاضل الشيخ عبد الرحمن أفندي القصار فتلا قصيدة حركت العواطف وبثت في الناس روح الشجاعة والشهامة وسننشرها بعد تتميماً للفائدة ثم ختمت هذه الجلسة المباركة كما بدأت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وابتدر الناس يجودون بما في وسعهم من المال كل على حسبه ومقدار وطنيته إعانة لهذه الحرب ومعاضدة لإخوانهم الطرابلسيين والله يعلم بما خامر قلوبنا من الاستبشار بسبب هذه المظاهر الوطنية والاحساسات القومية. ثم انفض القوم وكلهم يبتهل إلى الله تعالى بأن ينصر دولتنا العلية المحبوبة. أما الذين كانوا يقبضون أموال الإعانة من الناس فقد نشطوا لهذا العمل المبرور فهرعوا إلى الأسواق يدعون الناس إلى الإعانة فكنت ترى الإقبال عليهم من كل صوب من المسلمين والمسيحيين والإسرائيليين.

وقد كان هذا الاجتماع باعثاً على تأليف جمعية عمومية يرأسها مفتي الشام غايتها جمع الإعانة من أهل الإحسان والمروءة لتنفق في ما نحتاج إليه إبان هذه الحرب وقد جعلت هذه الجمعية مركزها دائرة البلدية لأنها المحل العام للأهلين ودعت بعض سراة الحاضرة ليقوموا معاً في هذا المشروع الخيري وقر قرارها على أن تجتمع في كل أسبوع ثلاث ليال وأن تعين في كل ثمن من أثمان البلدة ستة أشخاص ليستوردوا المال من ساكني محلتهم بموجب وصولات مختومة بختم الرئيس وأميني الصندوق ثم يردون في كل جمعة ما استوردوه إلى الجمعية العمومية وقد بدأ القوم بعملهم هذا واستمطروا كف أهل الخير.

وهو عمل كبير يدل على وطنية صادقة ومروءة تامة وتعلق شديد بعرش الخلافة العظمى فنشكرهم شكراً خالصاً. ونخص عامة الدمشقيين مؤملين فيهم كبير المساعدة بالنظر لما اشتهر عنهم من الحمية والغيرة وحب الإحسان والمعاضدة للأعمال الخيرية والمشاريع العمومية ونذكرهم بأن هذا الوقت وقت إظهار الحمية وقت الغيرة والشفقة على اليائسين وقت إبداء المعروف وإغاثة الملهوف.

هذا وقد دبت الغيرة في جميع الأنحاء العثمانية فقام والله الحمد أهل كل قطر يجمعون

<<  <  ج: ص:  >  >>