ونقول بينا فيما تقدم أن هذا الحديث مرسل ضعيف فما زعمه مؤلف الرسالة من معارضته لغيره واضح الفساد. إذ من المعلوم أن الضعيف لا يعارض الصحيح وقد استوفينا الكلام على مايتعلق بهذا الوجه ص ١٧ من المجلد الثاني.
وقال مؤلف الرسالة (ومنها) أن ما في رواية الترمذي عن ابن عباس أنها إنما كانت في أول الإسلام ثم نسخت بآية إلا على أزواجهم مناف لما دل عليه غيرها مما تقدم الخ. .
ونقول لا منافاة لا مكان أن يكون المراد من هذا الحديث نسخ الإباحة التي كانت قبل خيبر كما يشهد له استدلال ابن عباس بالآية على التحريم فيكون الحصر إضافياً وهو لا ينافي ما جاء من الرخصة يوم الفتح والله أعلم ونقل مؤلف الرسالة اشتهار الفتوى بالمتعة عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما وزعم أن ما ينسب إليه من رجوعه عن ذلك مكذوب عليه أو خارج مخرج الخوف والتقية إلخ ثم زعم أن الشيعة أعرف بمذهب علي وأن إسناد التحريم إليه اختلاق عليه لأنهم رووا عنه القول بالإباحة ولأن ابن عباس كان يفتي بها وهو تلميذه وعنه أخذ فلم يكن ليخالفه الخ ما ذكره.
ونقول قد صح رجوع ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك كما رواه الإمام الترمذي وغيره من المحققين وقد تقدم. ومعاذ الله أن يصدر مثل ذلك عن ابن عباس للخوف والتقية وهو ذلك الرجل الصحابي القرشي الذي لا تأخذه في الله لومة لائم. وعلى فرض أنه لم يرجع عن ذلك بل كان يرى حلها عند الضرورة كما تحل لميتة للمضطر فنجيب عنه من وجهين.
(الوجه الأول) أن ذلك على فرض صحته إنما هو مذهب خاص لسيدنا ابن عباس رضي الله عنهما فلا يترك قول جماهير الصحابة لأجله وتمسك الشيعة في هذه المسألة بمذهب ابن عباس رضي الله عنهما باطل بمقتضى قواعدهم لأنهم إنما يأخذون بقول علي كرم الله وجهه ويتركون مايخالفه وقد ثبت أن علي رضي الله عنه أفتى بتحريم المتعة مطلقا كما رواه غير واحد من المحدثين وأما مازعمه مؤلف الرسالة من أن الشيعة أعرف بمذهب علي وأن إسناد التحريم إليه اختلاف عليه الخ فهو بديهي البطلان لأن أهل السنة أبعد عن التهمة يأخذون بكل ماصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولايتعصبون لواحد دون واحد فكلامهم أحق بأن يتبع ورواياتهم أصح ورميهم باختلاق الكذب على أحد من الصحابة مع ما هم عليه من الورع ولتثبت في النقل لا يقدم عليه إلا مجازف أو متبع لحفظ النفس