حرره علماء الأصول في مثل قوله تعالى:(ولا تأكلوا مال اليتيم) فالمنصوص عليه حرمة الأكل وأهل اللغة فهموا من النص حرمة مطلق التناول من مال اليتيم فيشمل النص الشرب من مائه ولبس ثوب من ثيابه وسكنى داره وهكذا ومثله قوله تعالى: (ولا تقل لهما أف) المراد مطلق الأذى فكل فرد يدل على الأذى يدخل في النص فيدخل الضرب والشتم بالأولى وهكذا هنا لما كان القيام خصوصاً في زمننا هذا من جملة التعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم دخل في النص الدال على تعظيمه وهو كثير في القرآن والسنة فمنه قوله تعالى: (إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) وقال تعالى: (لتؤمنن به ولتنصرنه) فقد فرض الله تعالى تعظيمه وجعله مثل الإيمان به وكم في القرآن العظيم من آية دالة على تعظيمه عليه الصلاة والسلام ومن أراد بسط الكلام على وجوب تعظيمه وفرضيته على كل مكلف مبرهناً عليه بالأدلة القاطعة فليرجع لكتب السير كالشفا لقاضي عياض والمواهب اللدنية للإمام القسطلاني وزاد المعاد لابن القيم وغيرها فيجد فيها ما يشفي الغليل فحينئذٍ لا يكون هذا القيام بدعة بل منصوصاً عليه بدلالة النص فمن يدعي إنكاره وتحريمه فهو مبتدع ضال وعند قصد الإهانة والتنقيص لمنصبه الشريف يكون كفراً وردة كما سلف وقد أفتى العلامة مفتي الثقلين الإمام أبو السعود بكفر من يتركه حين يقوم الناس إهانة واستنكاراً كما نقله العلامة السمنودي.
هذا وربما كان في ترك القيام إثارة فتنة عند عموم الناس ونسبة من لا يقوم عند قيام الناس تعظيماً له صلى الله عليه وسلم إلى مذهب الوهابية الذين تجاوزا الحد في الغلو بتكفير أهل التوحيد حيث يقولون بالتوسل بالأنبياء والأولياء وزيارتهم والتبرك بهم وطلب الحاجات من الله تعالى بواسطتهم فلا سبيل لتكفير المسلمين الموحدين الناطقين بالتوحيد كل يوم مرات متعددة بل كل ساعة ولحظة إذا سألوا الله تعالى حاجة وطلبوا منه تعالى بجاه أحبابه عنده قضاءها بل من يكفرهم إلى الكفر أقرب حتى لو سمعنا المؤمن الموحد يقول يا رسول الله أقضي لي حاجتي أو يا عبد القادر أطلب منك كذا لا تكفره بل تنهاه عن اعتقاد ظاهره ونحمل كلامه على المجاز في الإسناد وهو المجاز العقلي كما بينه علماء المعاني وهو كثير في القرآن كقوله تعالى (ياهامان ابن لي صرحاً) فإن البناء فعل العملة وهامان سبب آمر حتى أننا لو قلنا للعامي كيف تطلب من العبد قضاء حاجتك فيقول أنا مرادي أن الله يقضي