حاجتي بسبب ذلك العبد وجاهه عنده تعالى فمتى وجدنا قرينة دالة على أن المتكلم موحد نحمل كلامه الذي ظاهره إسناده الأفعال لغيره تعالى على المجاز كما حملوا قول الشاعر:
أشاب الصغير وأفنى الكبي ... ر كر الغداة ومر العشي
على المجاز بدليل قوله بعد:
فملتنا إننا مسلمو ... ن على دين صديقنا والنبي
فإنه دلّ على أنه موحد وكذا العامي الذي ينطلق بالتوحيد دائماً يلزمنا أن نحمل كلامه الذي لا يراد ظاهره على المجاز.
هذا ولنرجع لما نحن فيه من استحباب القيام عند ذكر مولده الشريف صلى الله عليه وسلم مطلوب ومؤكد ظاهراً وباطناً وقد كنت مرة في مجلس وكان فيه أحد المعاصرين وكان ممن لا يرى القيام عند ذكر الولادة الشريفة فقلت أليس فيه تعظيمه صلى الله عليه وسلم فقال إنَّ التعظيم بالقلب وباتباع سنته عليه الصلاة والسلام لا بهذا القيام الذي هو بدعة فقلت لا بأس به بل هو عنوان على التعظيم بالقلب دال عليه ومعاملة الشرع الشريف ظاهرية حتى حكم على من أقر بلسانه أن لا إله إلا الله بالإسلام مع عدم اطلاعنا على قلبه ومن أين يعلم ما في القلب إذا لم يدل الظاهر عليه وقد صار م ألفناه في نفوسنا من القيام لبعضنا بعضاً وأعمال الجوارح من اليد واللسان من أسباب التعظيم والإكرام أهـ وقد قالوا في تعريف الحمد العرفي بأنه فعل يشعر بتعظيم المنعم سواء كان ذلك الفعل باللسان أو بالأركان أو بالقلب كما قال بعضهم:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
وقد عرفت أنه ليس ببدعة بل هو مثل القيام لذاته الشريفة تعظيماً له صلى الله عليه وسلم ولله در سيدنا حسان حيث قام حين مرّ عليه سيد الأكوان وقال:
قيامي للعزيز عليَّ فرض ... وترك الفرض ماهو مستقيم
عجبت لمن له عقل وفهم ... يرى هذا الجمال ولا يقوم
ويروى قيامي للنبي بدل للعزيز. نشدتك الله أيها المنكر للقيام لو أقبلت على مجلس وقام لك أكثر من فيه وتخلف البعض أما يقع في نفسك وفي نفس غيرك أن الذي ما قام لك حقرك بخلاف من قام لك واحترمك فما أسمجك وأجهلك فوالله أني لأخاف على منكر القيام