وصف به يعد غيبة إن وصف به بدليل حرمة غيبة الصبي والمجنون وإن لم يعقلا الكراهة والإيذاء ولم يكن لهما من يتأذى بذلك من الأقارب كما ذكر ذلك في رد المحتار عن ابن حجر بقي هنا صورة وهي ما إذا كان جميع الممثلين من الذين لا تحرم غيبتهم كالحربيين ولم يوجد محظور من نحو تخنث أو لبس قبعة فالظاهر عدم الحرمة من حيث ذلك وإن كان حراماً من حيث كونه كذباً كما سنبينه.
هذا ما يراد من كونه جهة التمثيل غيبة أما ما يراد من جهة كونه كذباً فبيانه موقوف على بيان كونه كذباً وذلك من وجهين أحدهما إدعاء أن الممثلين (بكسر الهاء) هم أؤلئك القوم الغابرون. والثاني عدم خلو القصة التمثيلية عن زيادة أو نقص غير مطابق للواقع بصورة أنه صدق مطابق للواقع فيرد على الأول أنه مما يتيقن كذبه كمقامات الحريري مثلاً فإن الظاهر أن الحكايات عن الحرث بن همام والسروجي لا أصل لها فكيف يحرم كذب التشخيص دون كذب ما في المقامات وعلى الوجه الثاني أن القصة التمثيلية لها أصل معروف محقق فهي ككتب التاريخ وتحريمها دون التاريخ تحكم مع أن كتب التاريخ كثيرة تصنيفاً وقراءة وتعليماً وتعلماً. قلنا هذا إنما يرد أن لو كانت الروايات التمثيلية مجرد قصص خالية عن المحاكاة والتشخيص فحينئذٍ فيها وفي سماعها ما في التاريخ من تفصيل وتقسيم واختلاف مذاهب على اختلاف المقاصد والمآرب وللفقهاء في هذا المقام تحقيق للمرام فليرجع إليه من شاء وأما ما نحن فيه فحيث أن الروايات المنوه عنها بارزة بصورة التمثيل الذي ثبتت لدينا حرمته فلا يغتفر شيء من وجهي الكذب المذكورين.
لا يقال إذا كان المقصود من التمثيل رياضة الصبيان ومن الريع إعانة الفقراء والمحتاجين فهلا يكون هذا المقصد مبيحاً لذلك والأمور بمقاصدها لأن المقاصد الحسنة لا تجعل الحرام مباحاً والصبيان في غنى عن هذه الرياضة وفيما جاء في جواب الأستاذ الشيخ محمد القاسمي الحلاق تحت عنوان فصل في رياضة الصبيان وفي ما كتبه الأستاذ الشيخ محمد عارف أفندي المنير تحت عنوان الإعانة بالوسائل المنكرة ما هو كافٍ لكل منصف هذا ما ظهر لفهمي القاصر والله أعلم وأستغفر الله العظيم (حمص)
عبد القادر الخوجه.
الجواب الثالث عشر للعلامة المفضال الأستاذ المحقق صاحب الإمضاء