إن ذكر الماضي الخ يرد عليه أن الممثلين فعلوا وما اقتصروا على الذكر فالدليل غير المدعى كما هو ظاهر وأما استهزاؤه بمن كتب في التمثيل من جلة العلماء الأعلام فالجواب عنه ما أجاب الله تعالى من استهزأ بمن آمن بالله ورسوله (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون).
وفي الختام نقدم النصيحة لآباء الأولاد أن يحفظوا عليهم آدابهم وأخلاقهم فلا يرموا بهم في المدارس التي تفسد تربيتهم وتضيع أوقاتهم فإن للأبناء حقوقاً على الآباء منها تحسين الأسماء وتعليمهم ما يلزم من أحكام الشريعة المطهرة وتأديبهم بآداب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وتمرينهم على سلوك طريقته وفقنا الله لاتباعه وأماتنا على سنته.
دمشق
عبد الوهاب الشركة
الجواب الرابع عشر لأحد علماء بيروت الأفاضل
قيل لي ألا تكتب في مسألة تمثيل الروايات من حيث حلها أو حرمتها فقلت لقد كتب جملة من الأفاضل العلماء وكشفوا القناع عن حقيقة المسألة فهل بعد قول أولئك الأفاضل اعتراض لمعترض ولكني مع هذا أتطفل فأقول:
إن التمثيل بالنسبة إلى الإفرنجة يجوز عده من الفضائل إن جاز نسبته الفضيلة إليهم وذلك لأنه يظهر لهم قبائح الوقائع الماضية ومحاسنها عياناً فينهجون على ما يظهر لهم حسنه ويجتنبون قبيحه كأحوال الملوك الظلمة وغيرها وأما بالنسبة إلينا نحن المسلمين فلا يعد فضيلة لأن لنا شريعة كاملة تكفلت لنا ببيان كل حسن وقبيح في دنيانا وديننا وعلمتنا الجزئيات والكليات من سياسة الممالك إلى كيفية دخول الخلاء ولكن لما تركنا العمل بها أخذنا نقلد الإفرنجة فيما يلهون به دون جدياتهم نرجو بذلك الاهتداء لإصلاح أمر دنيانا معرضين عن أمر ديننا وهيهات فما دمنا على هذه الحالة لا نزداد إلاَّ انحطاطاً. التمثيل إن خلا عن منكر وهيهات فهو أقرب إلى اللعب منه إلى الجد ولو كان فيه كما يقولون اعتبار لمثل الشارع صلى الله عليه وسلم لأصحابه ما كرر الله تعالى ذكره في كتابه العزيز من إهلاك الأقوام السالفة وغيره والعاقل يتعظ بالإشارة على أن في مسرح الوجود وفي الوقائع الحاضرة من العبر ما يغني عن مسارح التمثيل التي هي في الحقيقة ملاهي ومراقص.