للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الميدان فقام بها قيام الرجل الكفؤ قياماً دل على شرف في النفس، واستقامة في الأمر، ونزاهة في العمل، ثم عين سنة ١٣٢٦ نائباً للمحكمة الشرعية الكبرى فكان أيضاً مثال النزاهة والعفة، جمع للقوة الإجرائية الرحمة والرأفة فكم أنقذ مظلوماً، وأغاث يتيماً، وأعان أيما ثم في سنة ١٣٢١٩ انتخب مفتياً لدمشق فزاد لطفاً على لطفه، وتواضعاً على تواضعه، وحسن مودة لمن يعرفه ولمن لا يعرفه، مما أوجب له الثناء من عموم معارفه والمترددين عليه وكان يظن لو امتد به الأجل أن ينفع وطنه، ويرقي شأن العلم والعلماء ولكن عاجله الأجل فانتزع من بين الآلاف من أصحابه وأحبابه، ولبى داعي ربه ليلة الجمعة لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة ١٣٢٩ وفي صبيحة يوم الجمعة ماجت الأرض بالألوف من الناس على اختلاف طبقاتهم ومراتبهم الأمير والحاكم، والتاجر والعالم والغني والفقير، والصغير والكبير، ودلائل الأسف والحزن بادية على كل وجه، وأكثرهم يردد عبارات الحوقلة والترجيع حتى وصلوا به إلى مدفنه في مقبرة الدحداح حيث واروا جسده الكريم ثم انفضوا راجعين وألسنتهم رطبة بالثناء على عفته ونزاهته، واستقامته وكرائم خصاله. فنسأل الله له الرحمة والإحسان.

العلامة الشيخ محمد أبو الخير الطباع

ولد رحمه الله سنة ١٢٩٨ وتربى يتيماً في حجر والدته العفيفة، تلك الوالدة التي كانت تشغل أكثر أوقاتها لاكتساب ما تنفق عليه. وبعد أن ترعرع وتعلم المبادئ الأولية، دخل المدرسة الرشدية، وكان رحمه الله نزوعاً لطلب العلوم الدينية، ميالاً للصلاح والتقوى، واقفاً مع أدب الشريعة الطاهرة، ترغب نفسه الأدب، ومطالعة كتبه فما عتم بعد أن أتم دروس المدرسة وحصل على شهادتها حتى اصطف مع طلاب العلم الشريف، وتحلى بجليتهم فتلقوه على الرحب والسعة، فقرأ على أجلة من الأفاضل، وعدة من الأماثل كالعلامة المحقق المدقق الورع الزاهد صاحب التصانيف الممتعة المفيدة الأستاذ الشيخ عبد الحكيم الأفغان نزيل دمشق. والعلامة العالم العامل محدث الديار الشامية المتفق على ورعه وجلالته الشيخ محمد بدر الدين المغربي حفظه الله وأبقاه والعلامة المتفنن العمدة المرحوم الشيخ سلطان الداغستاني والعلامة المحقق المفضال الشيخ محمود العطار وغيرهم وبعد أن تذوق لذة العلم والتعليم حنت نفسه الطاهرة إلى خدمة بني وطنه فدرس بمدرسة الريحانية

<<  <  ج: ص:  >  >>