خائفة ولا وجلة وهناك أطلقت عدة قذائف على الطراد الذي بقي بعضه ظاهراً على وجه الماء فأغرقته ورجعتا لا رافقتهما السلامة. وقد وقع الناس حين رجوعهما بأشد الخوف حيث اعتقدوا أنهما سيقذفان شظايا نارهما على البلدة وبالأخص الثكنة العسكرية ودار الحكومة وفي برهة قليلة أخليت الدائرتان المذكورتان ولم يبق فيهما غير الجدران وقد استعدت بعض الدوائر أيضاً لنقل مراكزها إلى خارج البلدة وأقفلت جميع المحلات ولم يبق في الشوارع إلا بعض الأهالي الذين دفعهم الإفراط في الوطنية إلى مهاجمة مستودع أسلحة الحكومة فأخذوا كثيراً من البنادق والأسلحة أما العقلاء من أهل بيروت فكان خوفهم من حصول ما يخل بالأمن يقارب خوفهم من الأسطول الطلياني إذ خطر لبعض الرعاع أن يتجمهروا أمام دار الحكومة ففعلوا وجعلوا يطلبون إخراج المسجونين وبعضهم طمع في اشتغال الحكومة بهذا الحادث فعمد لثأر ماله من الآثار وقسم عد الأمر فوضى فنهب وسلب وهذا ما دعا الحكومة المحلية إلى إعلان الإدارة العرفية ونشر هذا المنشور تحت بيان رسمي الحكم العرفي في بيروت وإليك خلاصته: أعلنت الإدارة العرفية في بيروت وحدودها براً جبل لبنان وبحراً ساحل بيروت وأحيل أمر محافظة الأمن للحكومة العسكرية ومن تجاسر على الإخلال بالأمن داخلاً وخارجاً تجري محاكمته بديوان الحرب مهما كانت صفته والحكومة العسكرية مأذونة بتحري منازل من تريد من الأشخاص ليلاً ونهاراً وبنفي المشتبه بهم وبجمع الأسلحة من الأهلين وبتعطيل الجرائد المشوشة للأذهان وبمنع جميع الجمعيات وبمحاكمة من كانوا السبب في إعلان الإدارة العرفية ولو كانت إقامتهم في غير بيروت والحاصل جميع أحكام قرار الإدارة العرفية والمواد المذيلة به سيجرى تطبيقها حرفياً اعتباراً من تاريخه. وقد أذيع هذا ليحيط الجميع به علماً في ١٢ شباط سنة ١٣٢٧.
ونعم ما فعلته الحكومة فقد استتب الأمن وتوطدت أركان الراحة بهمة والي الولاية ورجال الضبط والجند الشاهاني الذين لم يألوا جهداً في العناية بأمر التدقيق والتطواف وقد أرسلت ولاية سوريا قطارين مشحونين بالعساكر والزاد وأرسلت طرابلس شام أيضاً الأي السواري لمعاضدة حكومة بيروت في توفير أسباب الأمن. وبذلك انتهت الأزمة وعاد القوم إلى أعمالهم.
تبرم بعض الناس من إعلان الإدارة العرفية في بيروت ونقم على الحكومة ونحن مع حبنا