ليتني لم أكن شيئاً ليت أمي لم تلدني ليتني كنت نسياً منسياً. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عمر قال لو نادى منادٍ في السماء يا أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلاً واحداً لخفت أن أكون أنا هو ولو نادى منادٍ أيها الناس إنكم داخلون النار إلا رجلاً واحداً لرجوت أن أكون أنا هو. وعن زيد بن أسلم قال خرج عمر بن الخطاب ليلة يحرس فرأى مصباحاً في بيت فدنا فإذا عجوز تطرق شعراً لها لتغزله (أي تنقشه بقدح) وهي تقول -
عَلَى محمد صلاة الأبرار ... صلى عليك المصطفون الأخيار
قد كنت قواماً بكي الأسحار ... يا ليت شعري والمنايا أطوار
هل تجمعني وحبيبي الدار
تعني النبي صلى الله عليه وسلم. فجلس عمر يبكي فمازال يبكي حتى قرع الباب عليها فقالت من هذا قلت عمر بن الخطاب قالت وما لي ولعمرو ما يأتي بعمر هذه الساعة قال افتحي رحمك الله فلا بأس عليك ففتحت له فدخل فقال ردي علي الكلمات التي قلت آنفاً فردته عليه فلما بلغت آخره قال اسألك بالله أن تدخليني معكما قالت:
وعمر فاغفر له يا غفار
فرضي ورجع. وأخرج ابن عساكر عن أبي بكرة قال وقف أعرابي على عمر فقال:
يا عمر الخير جزيت الجنة ... جهز بنياتي واكسهنه
اقسم بالله لتفعلنه
قال عمر فإن لم أفعل يكون ماذا؟ قال
اقسم بالله لأمضينه
قال فإن مضيت يكون ماذا؟ قال
والله عن حالي لتسألنه ... يوم تكون المسلات ثمه
والواقف المسؤول بينهن ... إما إلى نار وإما جنه
قال فبكى عمر حتى اخضلت لحيته بدموعه وقال لغلامه أعطه قميصي هذا لذلك اليوم لا لشعره والله لا أملك غيره. وأخرج أبو عبيدة في فضائله عن عبد الله بن السائب قال آخر عمر بن الخطاب العشاء الآخرة فصليت ودخل وكان في ظهري فقرأت (والذريات) حتى أتيت على قوله تعالى {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} فرفع صوته حتى ملأ المسجد فقال