لمثل ولادة إلههم بزعمهم وأنت تعلم أن هذا الفعل مشتمل على محظورات ومحرمات بل على مكفرات لا تخفى منها إثباتهم لإله باطل ومنها إتيانهم بامرأة حامل كذباً وبهتاناً تحاكي امرأة عند وضعها من أنين وغيره كما مر ومنها استخراج ولد من تحتها مماثل لإلههم ومعبودهم بزعمهم ومنها رقصهم ولعبهم الخ هذه هي أعمالهم كل سنة عند اجتماعهم للولادة المذكورة وأما ما يفعله المسلمون في مولد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم فمبسوط في رسالتنا المار ذكرها فلتراجع ولننقل منها شيئاً نزر المناسبة المقابلة فنقول قال في مواكب ربيع في مولد الشفيع أثناء كلام له ما لفظه جرت العادة بالعناية بأمر المولد ليلته أو يومه بحيث يقع الاجتماع وإظهار الفرح وإطعام الطعام والإحسان للفقراء وقراءة القرآن والذكر وإنشاد القصائد النبوية والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وقراءة قصة المولد الشريف وما اشتمل عليه من كراماته ومعجزاته إلى أن قال وأول من أحدثه الملك المظفر صاحب أربل فأقره عليه أفاضل العلماء وعامة الصلحاء الخ فتبين من قوله فأقره الخ أن هذا الفعل مع كونه فعلاً مستحسناً وطاعة عظيمة صار مجمعاً عليه إلى الآن بل إلى ما شاء الله فليتأمل وقوله ليلة المولد أو يومه هو على المشهور اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول ولم تزل قراءته متولية متتابعة إلى آخر الشهر المذكور وبعده إلى آخر السنة إنما يقرأ عند حادث سرور أو نحوه من كل نعمة أنعم الله بها على هذه الأمة ويتكرر ذلك كما هو معلوم ولم تزل هذه أعمالهم كلما اجتمعوا لقراءة المولد الشريف ولا يزالون كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها هذا وفي أثناء قراءة القصة المذكورة يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم مراراً مع أناشيد متعددة مشتملة على مدحه وحسن سيرته الخ ثم عند ذكر الوضع والولادة له صلى الله عليه وسلم ويقوم الحضور جميعاً على أقدامهم بغاية الأدب والاحترام تعظيماً لمقامه الشريف ومحبة له صلى الله عليه وسلم مكررين الصلاة الإبراهيمية ثم يختم هذا المجلس بحمده تعالى والثناء عليه بما هو أهله وبالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وبالدعاء للحاضرين ولجميع المسلمين هذا هو عمل المسلمين وقت اجتماعهم في كل مجلس اجتمعوا فيه لتلاوة قصة المنيفة إذا تبين هذا علمت أن مثل هذا المجلس يعد ويحسب من جملة مجالس الذكر التي ندب الله ورسوله إليها وذلك لأن لفظ الذكر لفظ عام يتناول أفراد كثيرة من كل ما يطلق عليه لغة وشرعاً أنه طاعة وعمل صالح كقراءة القرآن