ووصل بعد ذلك الجالينوس بجيش عظيم من فارس فسار إليهم أبو عبيد فهزمهم أيضاً وهرب الجالينوس واستولى أبو عبيد على تلك البلاد ثم ارتحل حتى رجع إلى الحيرة.
وقعة الجسر
لما انهزم الجالينوس بمن معه رجعوا إلى رستم وأخبروه فجهز جيشاً أعظم من الأول وجعل بهمن المعروف بذي الحاجب أميراً عليهم وأرسلهم إلى الحيرة فساروا ومعهم راية كسرى حتى نزلوا الجسر وأقبل أبو عبيد فنزل قريباً منهم ونصبوا جسراً على الفرات ليتمكن الفريقان من القتال وقال ذو الحاجب أمير فارس للمسلمين إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر إليكم فاختار أبو عبيد أن يعبر هو بجيشه إليهم وقال
لا يكونوا أجرأ على الموت منا
وعهد إلى الناس فقال إن قتلت فعلى الناس فلان فإن قتل فعليهم فلان وسمى سبعة اشخاص يتعاقبون على إمارة الجيش حتى قال فإن قتل فلان فالأمير هو المثنى ثم عبر على الجسر واستعرت بين الفريقين نار الوغى وكان أهل فارس يقاتلون على الفيلة وخيل المسلمين لم تألف ذلك فأحجمت ولم تقدم عليهم واشتد الأمر بالمسلمين فترجل أبو عبيد والناس وساروا مشاة حتى صافحوا المشركين بالسيوف وقطعوا بطان الفيلة فسقطت رحالها وقتلوا من كان عليها وعمد أبو عبيد إلى فيل أبيض فضربه بالسيف ثم خبطه الفيل بيده فوقع أبو عبيد على الأرض فتناول الراية رجل من السبعة الذين سماهم أبو عبيد للإمارة فقتله الفيل وتتابع بقية السبعة على أخذ الراية كل منهم يأخذ اللواء ويقاتل حتى يقتل ثم أخذ اللواء المثنى وانهزم البعض من المسلمين فلما رأى عبد الله الثقفي انهزام الناس سبقهم إلى الجسر فقطعه وقال يا أيها الناس موتوا أو تظفروا
فثبت المسلمون لقتال أعدائهم ثم أمر المثنى جنده بالانسحاب فعبروا كلهم على الجسر ورجع بعضهم إلى المدينة وبقي المثنى في قلة وكان قد جرح وأراد ذو الحاجب العبور خلف المسلمين فأتاه الخبر باختلاف الفرس فرجع إلى المدائن.
وقعة البويب
ولما بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه مقتل أبي عبيد بالجسر ندب الناس إلى المثنى