كالطعام والشراب والسماع ونحوها فيغرون المرأة على ذلك فتطيعهم وليس أقبح من فتور المرأة في الدين لأنها أقرب إلى التقوى من الرجل وأكثر تعففها من طريق الدين خوف العقاب وهي دقيقة الإحساس سريعة التأثر فإذا لم يشتغل قلبها بالتقوى والرهبة من العقاب خيف عليها السقوط إذ ليس لها ما للرجل من قوة الإرادة ومع ذلك فإنه أكثر سقوطاً منها لكن الناس لا يعيبون سقوطه كما يعيبون سقوطها وذلك من جملة مظالم نظام الاجتماع.
في شوارع باريس ألوف من الفتيات لولا هذه الأسباب لكن أمهات وربات عائلات يربين أبناءهن رجال المستقبل على الفضيلة بدلاً من ضياع شبابهن في الرذيلة ويضيع معهن ألوف من الشباب بلا عقب. لأن هذه الإباحة من أكبر أسباب العقم في فرنسا إذ يمسك الشبان عن الزواج تخلصاً من متاعبه وهمومه واكتفاء بملاذه الوقتية بثمن قليل لا مسئولية بعدها ولا تعب فلا نبالغ إذا قلنا أن فرنسا بين يدي خطر اجتماعي يهددها ولا تخرج منه إلا بعد انقلاب عظيم.
بلغ عدد اللقطاء في باريس للعام الماضي ثمانية عشر ألفاً لا يعرف آباؤهم فهم من نتاج هذه الرذيلة من نتاج الإفراط في الحرية والفتور في الدين. إن الجهل والحجاب يضران بالمرأة ويؤخران الهيئة الاجتماعية عن أسباب المدنية لكن الحرية الزائدة مع العلم أو بدونه تفسد المجتمع الإنساني وتضر بالعائلة وحال فرنسا الاجتماعي أكبر شاهد على ذلك لأن إحصاءها يكاد يكون الآن كما كان منذ أربعين سنة ولم تبق أمة إلا تضاعف إحصاؤها في أثناء هذه المدة.
خلقت المرأة أماً تدبر العائلة وتربي الأولاد وتعليمها ضروري للقيام بمهمتها الطبيعية في الشؤون العائلية وأما تكليفها بأعمال الرجال فإنه خارج عما خلقت له إلا إذا اضطرت إليه لأسباب قهرية ولكننا نرى بعض كبار العلماء يجيزون لها كل عمل يعمله الرجل وأن تتعاطى كل صناعة أو مهنة لأنها مساوية لها. وبعضهم ألف كتباًَ في هذا الموضوع خلاصتها أن المرأة يجب أن تعمل كل أعمال الرجال من صناعة أو علم أو تجارة أو زراعة بحجة تضاعف الثروة بتكاثر الأيدي في العمل وهو رأي نظري لا ينطبق على حاجة المجتمع الإنساني إذا نزل الرجل والمرأة إلى السوق من يربي الأطفال ويدربهم ويعنى بأحوالهم؟ فإن قيل أن المراضع والخدم يفعلون ذلك قلنا أن الطفل لا تربيه إلا أمه