للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل إنسان سواء في ذلك الرجل والمرأة يفترض عليه علم أحوال القلب وما يعتوره من الأخلاق حسنها وسيئها وذلك كالجود والبخل والجبن والجرأة والتكبر والتواضع والعفة والشح والإسراف والتقتير والسماحة والحرص والمحبة والبغض ونحوها فإن ذلك مما يجب على كل مسلم معرفته إذ الكبر والبخل والجبن والإسراف حرام بالاتفاق ولا يمكن التحرز عنها إلا بمعرفتها ومعرفة ما يضادها فهل علمنا بشيء من هذا؟ وهل أحكمنا الاتصاف بجميع ما تقدم من الصفات الحسنة؟ أفنحن بغنية عن الصدق والشكر والحلم والتوبة وحسن الأخلاق ومحبة الدين والتواضع والصبر وحفظ آداب الصحبة والتقوى والخوف والرجاء وغض الطرف والقناعة بالحلال من المال والقرض وإنظار المعسر والاهتمام بأمر المسلمين وصلة الأرحام وخدمة الأمة ونصيحتها ونصيحة حكامها وغير ذلك من محاسن الأخلاق؟ هل جاهد أميرنا وحقيرنا وغنينا وفقيرنا وكل واحد منا نفسه على الابتعاد عن مساوي الأخلاق؟ هل برئنا من الكبائر؟ هل تركنا الكلام فيما لا يعنينا؟ والله لو تركنا ذلك لما تشغل الكبير والصغير والعالم والسياسي والصانع والتاجر بالغيبة المحرمة وأكل لحوم البرياء من الناس هل انتهينا عن الفحش والسب وبذاءة اللسان؟ والله لو انتهينا عنه لما قام للجرائد السافلة قائمة ولما تمكن البذيء من هتك عرض المستور هل بعدنا عن التكلف في الكلام؟ والله لو بعدنا منه لما احتجنا إلى التصنع لدى كبرائنا والخضوع بين يدي حكامنا بالحق وغير الحق. هل تركنا عن خلف الوعد؟ والله لو تركناه لأنجزنا الوعود، ووفينا العهود هل اجتنبنا الكذب؟ والله لو اجتنبناه لما احتجنا إلى هذه القوانين وتلك المحاكم لما احتجنا إلى تأخير الدعاوي لما احتجنا إلى تكرر الجلسات لما احتجنا إلى إثبات الوكالات لعمت الراحة الحاكم والمحكوم هل تباعدنا عن حب المال والشهرة والميل إلى الرتب؟ والله لو تباعدنا عنه لما تفرقت الأمة فرقاً وأحزاباً لما قتلنا أنفسنا بأيدينا وأيدي أعدائنا لما ذهبت بلادنا لما ضاعت حقوقنا هل أعرضنا عن الحسد؟ والله لو أعرضنا عنه لما حصل العداء بيننا ولاتفقت كلمة علمائنا وأمرائنا وتجارنا وسوقتنا على ما فيه نفعنا. هل تجردنا عن الكبر؟ والله لو تجردنا عنه لخدمنا فقراءنا وعملنا على مساعدة ضعفائنا ورحم كبيرنا صغيرنا ودامت علين نعم ربنا. هل تنزهنا عن الزنا؟ والله لو تنزهنا عنه لقطع دابر هذه الكبيرة من بلادنا ولارتفع الذل عنا وحفظ أمر العفاف

<<  <  ج: ص:  >  >>