الإمكان فإن النائم ساكن بظاهره وهو مع ذلك يدرك بباطنه من الآلام واللذات ما يحس بتأثيره عند التنبه كألم ضرب رآه بعد استيقاظه وخروج مني من جماع رآه في منامه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع كلام جبريل ويشاهده والصحابة حوله والحال لا يسمعون كلاماً ولا يرون شخصاً فالإدراك والإسماع بخلق الله تعالى وإرادته قال عز وجل (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) أما عذاب القبر ونعيمه فقد ورد الشرع به قرآناً وسنة وأجمع عليه علماء الأمة قبل ظهور البدع واختلاف الأهواء قال تعالى في حق آل فرعون: (النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) وقال جل وعلا: (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).
وأخرج البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال أنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال بلى أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستبرئ من بوله وأخرج مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذه الأمة تبتلي في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله تعالى أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ثم أقبل بوجهه علينا فقال تعوذوا بالله من عذاب القبر.
وكذلك ورد في نعيم القبر جملة تؤيد ثبوته وتؤكد وقوعه منها ما أخرجه الإمام أحمد عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن يفسح له في قبره ويرى مقعده في الجنة وأخرج الترمذي عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال عليه الصلاة والسلام إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار إلى غير ذلك من الأحاديث الوافرة والأخبار الصحيحة.
وكل ما ورد من عذاب القبر ونعيمه فهو محمول عند علماء الدين على الحقيقة لأنه أمر ممكن كما تقدم فيجب التصديق لبه ولا يمنع من التصديق به تفرق أجزاء الميت في بطون السباع وأجواف السمك وحواصل الطيور وأقاصي التخوم فإن المدرك لألم العذاب أجزاء مخصوصة فالقادر المنفرد بالإيجاد والإعدام لا يعسر عليه إعادة الإدراك إليها بعد تفرقها ومن سلم اختصاص الرسول صلى الله عليه وسلم برؤية الملك دون أصحابه الموجودين بحضرته وتعاقب الملائكة فينا وآمن بقوله تعالى في الشيطان (إنه يراكم هو وقبيله من