نورد شيئاً من نصوص السادة الفقهاء في حكم هذه المسألة قال في التتارخانية في أدب القاضي يعزل القاضي إذا ولى مدرساً للدين ليس بأهل له ولا تنفذ توليته لأنه مؤتمن على الدين وقد ثبتت خيانته بذلك أهو في الولوالجية والذخيرة نحو من هذا.
قال الجلال السيوطي في أشباهه الفقهية يحرم على من بيدهم مقاليد الأمور إعطاء وظائف الدين من تدريس وإفتاء وحسبة وإمامة وغير ذلك إلى غير الكفؤ لها لأنه بذلك يكثر سواد الجهل ويضعف العلم وأهله ثم قال وهذا هو السبب في اعتزالي عن الناس خارج القاهرة فراراً من مشاهدة هذه البدع الحادثة وقال البدر الزركشي في قواعد (قاعدة الضرر يزال) اتفاقية بين المذهبين لمصالح الديانة مع وجود الكفؤ لها - والنصوص في هذا الباب كثيرة جداً يجد المتتبع لها طرفاً صالحاً يؤيد ما نقول. .
وهنا نذكر شيئاً (والشيء بالشيء يذكر) أنه وقع في مدة قضاء شيخ الإسلام السبكي على دمشق الشام تدريس شاغر فتعرض له شمس الدين الذهبي ذلك المحدث الشهير حامل لواء السنة في عصره ولدى اجتماع علماء العصر عند قاضي القضاة للمداولة فيمن يصلح له ذكر الذهبي فيمن ذكر من الطلاب فمانعوا أشد الممانعة في إعطائه للذهبي وقالوا إن من شرط من يتولى هذا التدريس أن يكون أشعري العقيدة والذهبي ليس بذلك وبعد أخذ ورد أزمعوا أمرهم على أن يلزموا السبكي بقبوله لتوفر جملة الشروط فيه وقد فعلوا.
وأول من قر عيناً بصنيعهم هذا الذهبي نفسه ولم يتغير خاطره قد وقعد أمام السبكي فأدى الوظيفة. . . أبت النفوس الأبية والأرواح العالية إلا أن ترضخ لكلمة الحق مهما اختلفت المشارب وتعددت المآرب ولله في خلقه شؤون.
هكذا كانت تقل الغبراء وتظل الخضراء من مثل هذه الطبقة العالية والفرقة العالمة ممن شيدوا دعائم الدين الإسلامي ووطدوا أركانه ومهدوا سبل العلم وشيدوا بنيانه بل حموا ذمارهم عن الدخلاء وحفظوا مجداً طالما تعب بتأسيسه أسلافنا الصالحون ومن ذب عن حوضه ودافع شرفه ومجده لا عتب عليه ولا ملام.
شمروا عن ساعد الجد والعمل بثبات جأش وقوة عزيمة وهمة شماء لا تعرف الكلل والملل ودكوا ما بناه العابثون في الحقوق وقوضوا صروح ما أسس على الغصب والاحتيال وسائق التدليس والتمويه فما أبقوا له أثراً - ونكسوا أعلام جيش الباطل وهزموه شر