ولهذا تحرم الخلوة بالأجنبية، وإن كان معها غيرها، بخلاف ما إذا كان بينها وبين مكة أقل من ثلاثة أيام؛ لأنه يباح لها الخروج إلى ما دون السفر بغير محرم.
ــ
[البناية]
العدة لا تمنعها من الخروج هناك لو كانت معتدة لم يكن لها أن تخرج للحج، وتأثير فقد المحرم في المنع من السفر كتأثير العدة، فإذا منعت من الخروج لسفر الحج بسبب العدة فكذلك بسبب فقدان المحرم.
م:(ولهذا تحرم الخلوة) ش: أي ولأجل زيادة الفتنة بانضمام المرأة إليها تحرم الخلوة على الزوج م: (بالأجنبية) ش: أي بالمرأة الأجنبية م: (وإن كان معها غيرها) ش: أي مع الأجنبية غير الأجنبية.
فإن قلت: إذا شهد على الزوج بطلاق امرأته ثلاثا، قلتم يحال بينها وبينه بامرأة ثقة حتى تزكي الشهود، وكذا قلتم بالحيلولة بثقة في الطلقات الثلاث إذا اعتدت في بيت الزوج فما جعلتم انضمام المرأة إلى المرأة فتنة؟
أجيب بأن الإقامة بموضع أحسن من الأمنية تقدره على دفعه في مثله، بخلاف السفر فإنه مظنة العجز عن الدفع مع أن النص فرق بينهما.
م:(بخلاف ما إذا كان بينها وبين مكة أقل من ثلاثة أيام) ش: هذا متصل بقوله: ولا يجوز لها أن تخرج بغيرهما، يعني يباح لها الخروج بدونهما، أي بدون الزوج والمحرم م:(لأنه يباح لها الخروج إلى ما دون السفر بغير محرم)
ش: فإن قلت: ما تقول في حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المذكور عن قريب.
أجاب الأترازي: بأن الخبر الذي يكون معمولاً به بوجهين أولى بالأخذ من الخبر الذي يكون معمولاً به من وجه، أراد أن الخبر الذي فيه الثلاث معمول به بالوجهين، يعني في الثلاث وفيما دونه معمول به من وجه، وقيل: فيما دون مسافة القصر اضطراب كثير. وقال المرغيناني: اختلف فيما دون مسافة القصر، قال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أكره لها أن تسافر يوماً، وهكذا عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
فإن قلت: روى البخاري من حديث عدي بن حاتم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا محرم معها، لا تخاف إلا الله " قال عدي: رأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت لا تخاف إلا الله، ولم يذكر لها محرماً ولا زوجاً» والحيرة بكسر الحاء المهملة قرية بقرب الكوفة، والنسبة إليها حيري، وحاري على غير قياس، والجو بضم الجيم، وكسرها الذمام.
قلت: حديث عدي هذا يدل على الوقوع، ولا يدل على الجواز بوجه من وجوه الدلالة