للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا وجدت محرما لم يكن للزوج منعها، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: له أن يمنعها؛ لأن في الخروج تفويت حقه. ولنا أن حق الزوج لا يظهر في حق الفرائض، والحج منها، حتى لو كان الحج نفلا له أن يمنعها

ــ

[البناية]

بمطابقته، ولا بالتزامه؛ لأنه ورد في معرض الثناء على الزمان بالأمن والعدل، وذكر خروج المرأة على ذلك بلا خفير لبيان الاستدلال عليه، ولا يقال: تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز؛ لأنا نقول: ما أخره بل بين حرمة خروجها في عدة أحاديث صحيحة ثابتة؛ ولأن الظعينة هي المودع، والمرأة الراكبة، والغالب أنها لا تسافر في هذا السفر البعيد مع هودجها، وحملها إلا ومعها من يحملها على جملها، ويركبها هودجها، ويخدمها ويخدم جملها، والغالب كالمتحقق.

فإن قلت: احتج الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بما روي عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: سألت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فأخبرت أن أبا سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يخبر عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثة أيام إلا ومعها محرم» فالتفتت إلينا عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقالت: ما كلهن لها محرم، وعن ابن عمر أنه سافر مع مولاة ليس هو بمحرم لها، ولا لها محرم، وما ورد من الخبر في نهي المرأة عن السفر محمول على الأسفار المباحة، فإنه لا يجوز السفر المباح لها عندنا بلا محرم في وجه، وفي وجه سفر الحج، والأول أصح عند الراويين من أصحابه.

قلت: قال الكاكي وغيره: والعجب من الشافعي أنه لم يعمل بالأحاديث الصحاح المشهورة، ويعمل بأثر عائشة وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مع شذوذهما، وعدم دلالتهما على عدم اشتراط المحرم، مع أن الأثر غير حجة عنده، وأثر عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - يدل على تعجبها، وأثر ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يحتمل أن يكون قبل بلوغ الخبر إليه، وحملهم الحديث على الأسفار المباحة بعيد، لما روي من قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " انطلق حج مع امرأتك ".

م: (وإذا وجدت محرما لم يكن للزوج منعها) ش: وبه قال أحمد بن حنبل، وأبو ثور، وإسحاق، وهو قول إبراهيم النخعي، وقال مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا يمنعها على القول بالفور، وفي القول بالتراخي قولان. وقال ابن المنذر في " الأشراف ": لا نعلم أنهم يختلفون أنه ليس له منعها.

م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: له أن يمنعها) ش: في أظهر القولين م: (لأن في الخروج) ش: أي في خروج المرأة إلى سفرها م: (تفويت حقه) ش: أي حق الزوج.

م: (ولنا أن حق الزوج لا يظهر في حق الفرائض) ش: ألا ترى أنه لا يمنعها من صيام رمضان، والصلوات م: (والحج منها) ش: أي من الفرائض م: (حتى لو كان الحج نفلا له أن يمنعها) ش: ولهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>