وقيل: الأولى هو الأول عند حاجة الغانمين، والثاني عند عدم الحاجة؛ ليكون عدة في الزمان الثاني، وهذا في العقار، وأما في المنقول المجرد لا يجوز المن بالرد عليهم؛ لأنه لم يرد به الشرع فيه،
وفي العقار خلاف الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأن في المن إبطال حق الغانمين أو ملكهم، فلا يجوز من غير بدل يعادله، والخراج غير معادل لقلته.
ــ
[البناية]
جمعهم فقال: أما إني تلوت آية من كتاب الله استغنيت بها عنكم، ثم تلا قَوْله تَعَالَى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}[الحشر: ٧] إلى قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}[الحشر: ٨] إلى قوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ}[الحشر: ٩] وهكذا قرأ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى قوله:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}[الحشر: ١٠] ثم قال: أرى لمن بعدكم في هذا الفيء نصيباً ولو قسمتها بينكم لم يكن لمن بعدكم نصيب.
قسمها عليهم وجعل الجزية على رؤوسهم والخراج على أراضيهم ليكون لهم ولمن يأتي من بعدهم من المسلمين، ولم يخالفه على ذلك إلا نفر منهم بلال، ولم يحمدوا على خلافه.
م:(وقيل) ش: في التوفيق بينهما م: (الأولى) ش: أي القسمة كما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م:(وهو الأول عند حاجة الغانمين) ش: أي عند احتياجهم إليها، وفي بعض النسخ: وقيل: الأول هو الأولى.
م:(والثاني) ش: أي إقرار أهل البلد عليه بالمن، ووضع الجزية والخراج، كما فعل عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - م:(عند عدم الحاجة) ش: أي حاجة الغانمين إليها م: (ليكون عدة في الزمان الثاني) ش: أي في الذي يأتي بعدهم م: (وهذا) ش: أي إقرار أهل البلد على بلدهم بالمن م: (في العقار، أما في المنقول المجرد لا يجوز المن بالرد عليهم لأنه لم يرد به الشرع فيه) ش: بأن يدفع إليهم مجاناً ويقسم به عليهم، وإنما قيد المنقول بالمجرد لأنه يجوز المن عليهم في المنقول بطريق التبعية بالعقار على ما يأتي عن قريب.
م:(وفي العقار خلاف الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: فإن عنده لا يجوز إقرار أهل البلد على بلدتهم بالمن في العقار، بل يقسم الأرض أيضاً ولا يتركها في أيديهم، وبه قال أحمد، وعن مالك يقسمها، وعنه كقولنا: م: (لأن في المن إبطال حق الغانمين) ش: أي عندنا لأنه لا يثبت الملك قبل الإحراز بدار الإسلام م: (أو ملكهم) ش: أي أو إبطال ملكهم عند الشافعي، لأن الغنيمة تملك عنده قبل الإحراز بالدار م:(فلا يجوز) ش: أي المن م: (من غير بدل يعادله) ش: أي يعادل حق الغانمين فإن قيل الخراج معادله.
أجاب بقوله: م: (والخراج غير معادل) ش: أي يعادل حق الغانمين، فإن قيل: الخراج يعادله، أجاب بقوله: والخراج غير معادل م: (لقلته) ش: فإن قيل: فالحق إذ الملك ثبت في رقابهم أيضاً وجاز أن يقسمها.