ولا يؤكل، وإنا بأرض ذات ريف، وإن أميرنا يعشي وإن طعامه يؤكل. فنكت في الأرض ساعة ثم رفع رأسه فقال: فنعم فإني قد فرضت لكم كل يوم من بيت المال شاتين وجريبين فإذا كان بالغداة فضع إحدى الشاتين على أحد الجريبين فكل أنت وأصحابك ثم ادع بشرابك فاشرب، ثم اسق الذي عن يمينك، ثم الذي يليه، ثم قم لحاجتك، فإذا كان بالعشي فضع الشاة الغابرة على الجريب الغابر فكل أنت وأصحابك، ثم ادع بشرابك فاشرب، ألا وأشبعوا الناس في بيوتهم وأطعموا عيالهم فإن تحفينكم للناس لا يحسن أخلاقهم ولا يشبع جائعهم، والله مع ذلك ما أظن رستاقا يؤخذ منه كل يوم شاتان وجريبان إلا يسرعان في خرابه.
قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن يونس عن حميد بن هلال أن حفص بن أبي العاص كان يحضر طعام عمر فكان لا يأكل، فقال له عمر: ما يمنعك من طعامنا؟ قال: إن طعامك جشب غليظ وإني راجع إلى طعام لين قد صنع لي فأصيب منه، قال: أتراني أعجز أن آمر بشاة فيلقى عنها شعرها وآمر بدقيق فينخل في خرقة ثم آمر به فيخبز خبزا رقاقا وآمر بصاع من زبيب فيقذف في سعن ثم يصب عليه الماء فيصبح كأنه دم غزال؟ فقال: إني لأراك عالما بطيب العيش، فقال: أجل! والذي نفسي بيده لولا أن تنتقض حسناتي لشاركتكم في لين عيشكم.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن الربيع بن زياد الحارثي أنه وفد إلى عمر بن الخطاب فأعجبته هيئته ونحوه فشكا عمر طعاما غليظا أكله، فقال الربيع: يا أمير المؤمنين إن أحق الناس بطعام لين ومركب لين وملبس لين لأنت. فرفع عمر جريدة معه فضرب بها رأسه وقال: أما والله ما أراك أردت بها الله وما أردت بها إلا مقاربتي إن كنت لأحسب أن فيك ويحك