قتلوا وأفلت منهم رجل جريح في القتلى، فلما برد عليه الليل تحامل حتى أتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبره الخبر فشق ذلك عليه وهم بالبعث إليهم فبلغه أنهم قد ساروا إلى موضع آخر فتركهم.
[سرية مؤتة]
ثم سرية مؤتة، وهي بأدنى البلقاء، والبلقاء دون دمشق، في جمادى الأولى سنة ثمان من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قالوا: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الحارث بن عمير الأزدي أحد بني لهب إلى ملك بصرى بكتاب، فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله ولم يقتل لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، رسول غيره، فاشتد ذلك عليه وندب الناس فأسرعوا وعسكروا بالجرف. وهم ثلاثة آلاف، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أمير الناس زيد بن حارثة، فإن قتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعبد الله بن رواحة، فإن قتل فليرتض المسلمون بينهم رجلا فيجعلوه عليهم. وعقد لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لواء أبيض ودفعه إلى زيد بن حارثة وأوصاهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام فإن أجابوا وإلا استعانوا عليهم بالله وقاتلوهم، وخرج مشيعا لهم حتى بلغ ثنية الوداع فوقف وودعهم، فلما ساروا من معسكرهم نادى المسلمون: دفع الله عنكم وردكم صالحين غانمين! فقال بن رواحة عند ذلك:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة … وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا قال: فلما فصلوا من المدينة سمع العدو بمسيرهم فجمعوا لهم وقام فيهم