ثم سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل وهي وراء وادي القرى وبينها وبين المدينة عشرة أيام، وكانت في جمادي الآخرة سنة ثمان من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قالوا: بلغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن جمعا من قضاعة قد تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف رسول الله، صلى الله عليه وسلم. فدعا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عمرو بن العاص فعقد له لواء أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعه ثلاثون فرسا، وأمره أن يستعين بمن يمر به من بلي وعذرة وبلقين، فسار الليل وكمن النهار فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مائتين وعقد له لواء وبعث معه سراة المهاجرين والأنصار، وفيهم أبو بكر وعمر، وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعا ولا يختلفا، فلحق بعمرو فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس فقال عمرو: إنما قدمت علي مددا وأنا الأمير، فأطاع له بذلك أبو عبيدة وكان عمرو يصلي بالناس وسار حتى وطئ بلاد بلي ودوخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم وبلاد عذرة وبلقين، ولقي في آخر ذلك جمعا فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا، ثم قفل وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريدا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبره بقفولهم وسلامتهم وما كان في غزاتهم.