ابن عمرو بن عصر بن غنم بن حارثة بن ثوب بن معن الطائي على النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يومئذ ابن مائة وخمسين سنة، فسأله عن الصيد فقال: كل ما أصميت ودع ما أنميت؛ وهو الذي يقول له امرؤ القيس بن حجر، وكان أرمى العرب:
رب رامٍ من بني ثعلٍ … مخرجٍ كفيه من ستره
[وفد تجيب]
قال: أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي، أخبرنا عبد الله بن عمرو بن زهير عن أبي الحويرث قال: قدم وفد تجيب على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سنة تسع، وهم ثلاثة عشر رجلاً، وساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله عليهم، فسر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بهم وقال: مرحباً بكم! وأكرم منزلهم وحباهم، وأمر بلالاً أن يحسن ضيافتهم وجوائزهم، وأعطاهم أكثر مما كان يجيز به الوفد، وقال: هل بقي منكم أحد؟ قالوا: غلام خلفناه على رحالنا وهو أحدثنا سناً، قال: أرسلوه إلينا، فأقبل الغلام الى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أمرؤ من بني أبناء الرهط الذين أتوك آنفاً فقضيت حوائجهم فاقض حاجتي، قال: وما حاجتك؟ قال: تسأل الله أن يغفر لي ويرحمني ويجعل غناي في قلبي، فقال: اللهم أغفر له وارحمه واجعل غناه في قلبه، ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه، فأنطلقوا راجعين إلى أهليهم، ثم وافوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الموسم بمنًى ستة عشر، فسألهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن الغلام، فقالوا: ما رأينا مثله أقنع منه بما رزقه الله، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن نموت جميعاً.