ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تبوك في رجب سنة تسع من مهاجره.
قالوا: بلغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة، وأجلبت معه لخم وجذام وعاملة وغسان وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء، فندب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك. وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم، وذلك في حر شديد، وأمرهم بالصدقة فحملوا صدقات كثيرة وقووا في سبيل الله، وجاء البكاؤون وهم سبعة يستحملونه فقال: لا أجد ما أحملكم عليه، تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون. وهم: سالم بن عمير وهرمي بن عمرو وعلبة بن زيد وأبو ليلى المازني وعمرو بن عنمة وسلمة بن صخر والعرباض بن سارية.
وفي بعض الروايات من يقول: إن فيهم عبد الله بن المغفل ومعقل ابن يسار. وبعضهم يقولون: البكاؤون بنو مقرن السبعة، وهم من مزينة. وجاء ناس من المنافقين يستأذنون رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في التخلف من غير علة فأذن لهم وهم بضعة وثمانون رجلا. وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم فاعتذروا إليه فلم يعذرهم وهم اثنان وثمانون رجلا. وكان عبد الله بن أبي بن سلول قد عسكر على ثنية الوداع في حلفائه من اليهود والمنافقين فكان يقال ليس عسكره بأقل العسكرين. وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، استخلف على عسكره أبا بكر الصديق يصلي بالناس، واستخلف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على المدينة محمد بن مسلمة، وهو أثبت عندنا ممن قال: استخلف غيره. فلما سار رسول الله، صلى الله