ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الحديبية. خرج للعمرة في ذي القعدة سنة ست من مهاجره. قالوا: استنفر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أصحابه إلى العمرة فأسرعوا وتهيأوا ودخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيته فاغتسل ولبس ثوبين وركب راحلته القصواء وخرج، وذلك يوم الإثنين لهلال ذي القعدة، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ولم يخرج معه بسلاح إلا السيوف في القرب وساق بدنا وساق أصحابه أيضا بدنا، فصلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بالبدن التي ساق فجللت ثم أشعرها في الشق الأيمن وقلدها وأشعر أصحابه أيضا وهن موجهات إلى القبلة، وهي سبعون بدنة فيها جمل أبي جهل الذي غنمه يوم بدر، وأحرم ولبى وقدم عباد بن بشر أمامه طليعة في عشرين فرسا من خيل المسلمين، وفيهم رجال من المهاجرين والأنصار، وخرج معه من المسلمين ألف وستمئة، ويقال ألف وأربعمئة، ويقال ألف وخمسمئة وخمسة وعشرون رجلا، وأخرج معه زوجته أم سلمة، رضي الله عنها، وبلغ المشركين خروجه فأجمع رأيهم على صده عن المسجد الحرام وعسكروا ببلدح وقدموا مائتي فارس إلى كراع الغميم، وعليهم خالد بن الوليد، ويقال عكرمة بن أبي جهل، ودخل بسر بن سفيان الخزاعي مكة فسمع كلامهم وعرف رأيهم فرجع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلقيه بغدير الأشطاط وراء عسفان فأخبره بذلك. ودنا خالد بن الوليد في خيله حتى نظر إلى أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عباد بن بشر فتقدم في خيله فأقام بإزائه وصف أصحابه وحانت صلاة الظهر وصلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بأصحابه صلاة الخوف؛ فلما أمسى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال لأصحابه: تيامنوا في هذا العصل فإن عيون قريش بمر الظهران وبضجنان؛