منكم فليجلس إلى عظيم من عظمائهم فيهم ابن الحنظلية، يعني أبا جهل، فإنه لم يغب عن شر إن كان محمد قد قتل، فقال الفتيان: نفعل، فجاء زيد ابن حارثة فوجد أبا طالب على تلك الحال، فقال: يا زيد أحسست ابن أخي؟ قال: نعم كنت معه آنفاً، فقال أبو طالب: لا أدخل بيتي أبداً حتى أراه، فخرج زيد سريعاً حتى أتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو في بيت عند الصفا ومعه أصحابه يتحدثون، فأخبره الخبر، فجاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى أبي طالب، فقال: يا ابن أخي أين كنت؟ أكنت في خير؟ قال: نعم، قال: أدخل بيتك، فدخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح أبو طالب غدا على النبي، صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيده فوقف به على أندية قريش، ومعه الفتيان الهاشميون والمطلبيون، فقال يا معشر قريش: هل تدرون ما هممت به؟ قالوا: لا، فأخبرهم الخبر، وقال للفتيان: أكشفوا عما في أيديكم، فكشفوا فإذا كل رجل منهم معه حديدة صارمة، فقال: والله لو قتلتموه ما بقيت منكم أحداً حتى نتفانى نحن وأنتم، فانكسر القوم وكان أشدهم انكساراً أبو جهل.
ذكر هجرة من هاجر من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى أرض الحبشة في المرة الأولى
أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا هشام بن سعد عن الزهري قال: لما كثر المسلمون وظهر الإيمان وتحدث به ثار ناس كثير من المشركين من كفار قريش بمن آمن من قبائلهم فعذبوهم وسجنوهم وأردوا فتنتهم عن دينهم، فقال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم: تفرقوا في الأرض، فقالوا: أين نذهب يا رسول الله؟ قال: ههنا، وأشار