ثم سرية زيد بن حارثة إلى حسمى وهي وراء وادي القرى في جمادي الآخرة سنة ست من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قالوا: أقبل دحية بن خليفة الكلبي من عند قيصر وقد أجاره وكساه، فلقيه الهنيد بن عارض وابنه عارض بن الهنيد في ناس من جذام بحسمى، فقطعوا عليه الطريق فلم يتركوا عليه إلا سمل ثوب، فسمع بذلك نفر من بني الضبيب فنفروا إليهم فاستنقذوا لدحية متاعه، وقدم دحية على النبي، صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك فبعث زيد بن حارثة في خمسمائة رجل ورد معه دحية، فكان زيد يسير الليل ويكمن النهار، ومعه دليل له من بني عذرة، فأقبل بهم حتى هجم بهم مع الصبح على القوم، فأغاروا عليهم فقتلوا فيهم فأوجعوا وقتلوا الهنيد وابنه وأغاروا على ماشيتهم ونعمهم ونسائهم، فأخذوا من النعم ألف بعير، ومن الشاء خمسة آلاف شاة، ومن السبي مائة من النساء والصبيان، فرحل زيد بن رفاعة الجذامي في نفر من قومه إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فدفع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كتابه الذي كان كتب له ولقومه ليالي قدم عليه، فأسلم وقال: يا رسول الله لا تحرم علينا حلالا ولا تحل لنا حراما؛ فقال: كيف أصنع بالقتلى؟ قال أبو يزيد بن عمرو: أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ومن قتل فهو تحت قدمي هاتين، فقال: رسول الله، صلى الله عليه وسلم: صدق أبو يزيد! فبعث معهم عليا، رضي الله عنه، إلى زيد بن حارثة يأمره أن يخلي بينهم وبين حرمهم وأموالهم، فتوجه علي فلقي رافع بن مكيث الجهني بشير زيد بن حارثة على ناقة من إبل القوم، فردها علي على القوم، ولقي زيدا بالفحلتين، وهي بين المدينة وذي المروة، فأبلغه أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرد إلى الناس كل ما كان أخذ لهم.