فنزلوا على فروة بن عمرو فحياهم وأكرمهم، وأقاموا عنده عشرة أيام، وكان صرد أفضلهم فأمره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على من أسلم من قومه، وأمره أن يجاهد بهم من يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن، فخرج حتى نزل جرش، وهي مدينة حصينة مغلقة، وبها قبائل من اليمن قد تحصنوا فيها، فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، فحاصرهم شهراً وكان يغير على مواشيهم فيأخذها، ثم تنحى عنهم إلى جبل يقال شكر، فظنوا أنه قد انهزم، فخرجوا في طلبه، فصف صفوفه فحمل عليهم هو والمسلمون، فوضعوا سيوفهم فيهم حيث شاؤوا، وأخذوا من خيلهم عشرين فرساً، فقاتلوهم عليها نهاراً طويلاً وكان أهل جرش بعثوا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رجلين يرتادان وينظران، فأخبرهما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بملتقاهم وظفر صرد بهم، فقدم رجلان على قومهما فقصا عليهم القصة، فخرج وفدهم حتى قدموا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأسلموا فقال: مرحباً بكم أحسن الناس وجوهاً وأصدقه لقاءً وأطيبه كلاماً وأعظمه أمانة! أنتم مني وأنا منكم، وجعل شعارهم مبروراً وحمًى لهم حمى حول قريتهم على أعلام معلومة.
[وفد غسان]
قال: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن محمد بن بكير الغساني عن قومه غسان قالوا: قدمنا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في شهر رمضان سنة عشر، المدينة، ونحن ثلاثة نفر، فنزلنا دار رملة بنت الحارث، فإذا وفود العرب كلهم مصدقون بمحمد، صلى الله عليه وسلم، فقلنا فيما بيننا: أيرانا شر من يرى من العرب! ثم