ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ذات الرقاع في المحرم على رأس سبعة وأربعين شهرا من مهاجره، قالوا: قدم قادم المدينة بجلب له فأخبر أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن أنمارا وثعلبة قد جمعوا لهم الجموع؛ فبلغ ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاستخلف على المدينة عثمان بن عفان وخرج ليلة السبت لعشر خلون من المحرم في أربعمائة من أصحابه، ويقال سبعمائة. فمضى حتى أتى محالهم بذات الرقاع، وهو جبل فيه بقع حمرة وسواد وبياض قريب من النخيل بين السعد والشقرة، فلم يجد في محالهم أحدا إلا نسوة فأخذهن وفيهن جارية وضيئة، وهربت الأعراب إلى رؤوس الجبال، وحضرت الصلاة فخاف المسلمون أن يغيروا عليهم فصلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صلاة الخوف فكان ذلك أول ما صلاها. وانصرف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، راجعا إلى المدينة فابتاع من جابر بن عبد الله في سفره ذلك جمله بأوقية وشرط له ظهره إلى المدينة وسأله عن دين أبيه وأخبره به، فاستغفر له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في تلك الليلة خمسا وعشرين مرة وبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جعال بن سراقة بشيرا إلى المدينة بسلامته وسلامة المسلمين، وقدم صرارا يوم الأحد لخمس ليال بقين من المحرم، وصرار على ثلاثة أميال من المدينة، وهي بئر جاهلية على طريق العراق، وغاب خمس عشرة ليلة.
أخبرنا عفان بن مسلم، أخبرنا أبان بن يزيد وحدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال: أقبلنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كنا بذات الرقاع كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، معلق بشجرة