ألا أحد يغتال محمدا فإنه يمشي في الأسواق؟ فأتاه رجل من الأعراب فقال: قد وجدت أجمع الرجال قلبا وأشده بطشا وأسرعه شدا، فإن أنت قويتني خرجت إليه حتى أغتاله ومعي خنجر مثل خافية النسر فأسوره ثم آخذ في عير وأسبق القوم عدوا فإني هاد بالطريق خريت! قال: أنت صاحبنا. فأعطاه بعيرا ونفقة وقال: اطو أمرك، فخرج ليلا فسار على راحلته خمسا وصبح ظهر الحرة صبح سادسة ثم أقبل يسأل عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى دل عليه؛ فعقل راحلته ثم أقبل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو في مسجد بني عبد الأشهل، فلما رآه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: إن هذا ليريد غدرا: فذهب ليجني على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فجذبه أسيد بن الحضير بداخلة إزاره فإذا الخنجر فسقط في يديه وقال: دمي! دمي! فأخذ أسيد بلبته فدعته، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: اصدقني ما أنت؟ قال: وأنا آمن؟ قال: نعم! فأخبره بأمره وما جعل له أبو سفيان، فخلى عنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأسلم وبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عمرو بن أمية وسلمة بن أسلم إلى أبي سفيان بن حرب وقال: إن أصبتما منه غرة فاقتلاه! فدخلا مكة ومضى عمرو بن أمية يطوف بالبيت ليلا فرآه معاوية بن أبي سفيان فعرفه، فأخبر قريشا بمكانه فخافوه وطلبوه، وكان فاتكا في الجاهلية، وقالوا: لم يأت عمرو لخير؛ فحشد له أهل مكة وتجمعوا وهرب عمرو وسلمة، فلقي عمرو عبيد الله بن مالك بن عبيد الله التيمي فقتله، وقتل آخر من بني الديل سمعه يتغنى ويقول:
ولست بمسلم ما دمت حيا … ولست أدين دين المسلمينا ولقي رسولين لقريش بعثتهما يتحسبان الخبر فقتل أحدهما وأسر الآخر فقدم به المدينة، فجعل عمرو يخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خبره ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يضحك.