مررت على أصحابي وهم يقاتلون المشركين بمؤتة، قلت والله لا أبرح اليوم حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرهم، فأخذ اللواء جعفر بن أبي طالب ولبس السلاح، وقال غيره: أخذ زيد اللواء وكان رأس القوم ثم حمل جعفر حتى إذا هم أن يخالط العدو رجع فوحش بالسلاح ثم حمل على العدو وطاعن حتى قتل، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة وطاعن حتى قتل، ثم انهزم المسلمون أسوأ هزيمة رأيتها قط حتى لم أر اثنين جميعا، ثم أخذ اللواء رجل من الأنصار ثم سعى به حتى إذا كان أمام الناس ركزه ثم قال: إلي أيها الناس! فاجتمع إليه الناس حتى إذا كثروا مشى باللواء إلى خالد بن الوليد فقال له خالد: لا آخذه منك أنت أحق به؛ فقال الأنصاري: والله ما أخذته إلا لك! فأخذ اللواء ثم حمل على القوم فهزمهم الله أسوأ هزيمة رأيتها قط حتى وضع المسلمون أسيافهم حيث شاؤوا وقال: فأتيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبرته فشق ذلك عليه فصلى الظهر ثم دخل، وكان إذا صلى الظهر قام فركع ركعتين ثم أقبل بوجهه على القوم فشق ذلك على الناس، ثم صلى العصر ففعل مثل ذلك، ثم صلى المغرب ففعل مثل ذلك، ثم صلى العتمة ففعل مثل ذلك، حتى إذا كان صلاة الصبح دخل المسجد ثم تبسم، وكان تلك الساعة لا يقوم إليه إنسان من ناحية المسجد حتى يصلي الغداة، فقال له القوم حين تبسم: يا نبي الله بأنفسنا أنت! قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كان الذي رأيتم مني أنه أحزنني قتل أصحابي حتى رأيتهم في الجنة إخوانا على سرر نتقابلين ورأيت في بعضهم إعراضا كأنه كره السيف ورأيت جعفرا ملكا ذا جناحين مضرجا بالدماء مصبوغ القوادم.