قال: كان في بني إسرائيل ملك إذا ذكرناه ذكرنا عمر وإذا ذكرنا عمر ذكرناه، وكان إلى جنبه نبي يوحى إليه فأوحى الله إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يقول له: اعهد عهدك واكتب إلي وصيتك فإنك ميت إلى ثلاثة أيام، فأخبره النبي بذلك، فلما كان في اليوم الثالث وقع بين الجدر وبين السرير ثم جأر إلى ربه فقال: اللهم إن كنت تعلم أني كنت أعدل في الحكم، وإذا اختلفت الأمور اتبعت هواك وكنت وكنت، فزدني في عمري حتى يكبر طفلي وتربو أمتي، فأوحى الله إلى النبي أنه قد قال كذا وكذا وقد صدق وقد زدته في عمره خمس عشرة سنة، ففي ذلك ما يكبر طفله وتربو أمته. فلما طعن عمر قال كعب: لئن سأل عمر ربه ليبقينه الله، فأخبر بذلك عمر فقال عمر: اللهم اقبضني إليك غير عاجز ولا ملوم.
قال: أخبرنا محمد بن عبيد والفضل بن دكين قالا: أخبرنا هارون بن أبي إبراهيم عن عبد الله بن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب لما طعن قال له الناس: يا أمير المؤمنين لو شربت شربة، فقال: اسقوني نبيذا، وكان من أحب الشراب إليه، قال فخرج النبيذ من جرحه مع صديد الدم فلم يتبين لهم ذلك أنه شرابه الذي شرب، فقالوا: لو شربت لبنا، فأتي به فلما شرب اللبن خرج من جرحه، فلما رأى بياضه بكى وأبكى من حوله من أصحابه، فقال: هذا حين، لو أن لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع، قالوا: وما أبكاك إلا هذا؟ قال: ما أبكاني غيره، قال فقال له بن عباس: يا أمير المؤمنين والله إن كان إسلامك لنصرا وإن كانت إمامتك لفتحا، والله لقد ملأت إمارتك الأرض عدلا، ما من اثنين يختصمان إليك إلا انتهيا إلى قولك. قال فقال عمر: أجلسوني، فلما جلس قال لابن عباس: أعد علي كلامك، فلما أعاد عليه قال: أتشهد لي بذلك عند الله يوم تلقاه؟ فقال بن عباس: نعم