خمسة عشر رجلا فيهم إياس بن معاذ وأظهروا أنهم يريدون العمرة فنزلوا على عتبة بن ربيعة فأكرمهم وطلبوا إليه وإلى قريش أن يحالفوهم على قتال الخزرج فقالت قريش: بعدت داركم منا، متى يجيب داعينا صريخكم ومتى يجيب داعيكم صريخنا! وسمع بهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأتاهم فجلس إليهم فقال: هل لكم إلى خير مما جئتم له؟ قالوا: وماذاك؟ قال: أنا رسول الله بعثني الله إلى عباده أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا وقد نزل علي الكتاب. فقال إياس بن معاذ، وكان غلاما حدثا: يا قوم هذا والله خير مما جئتم له. فأخذ أبو الحيسر كفا من البطحاء فرمى بها وجهه ثم قال: ما أشغلنا عن هذا، ما قدم وفد إذا على قوم بشر مما قدمنا به على قومنا، إنا خرجنا نطلب حلف قريش على عدونا فنرجع بعداوة قريش مع عداوة الخزرج.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن الحصين عن عبد الله بن أبي سفيان عن أبيه قال: سمعت محمد بن مسلمة وسلمة بن سلامة بن وقش وأبا الهيثم بن التيهان يقولون: لم ينشب إياس حين رجع أن مات، فلقد سمعناه يهلل حتى مات فكانوا يتحدثون أنه مات مسلما لما سمع من رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قال محمد بن عمر: وكان أبو الحيسر وأصحابه أول من لقي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من الأنصار ودعاهم إلى الإسلام، وكان لقيه إياهم بذي المجاز.