لكم احموا ظهورنا؟ فلا تبرحوا مكانكم. فقال الآخرون: لم يرد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذا وقد أذل الله العدو وهزمهم. فخطبهم أميرهم عبد الله بن جبير، وكان يومئذ معلما بثياب بيض، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم أمر بطاعة الله وطاعة رسوله وأن لا يخالف لرسول الله أمر، فعصوا وانطلقوا فلم يبق من الرماة مع عبد الله بن جبير إلا نفير ما يبلغون العشرة فيهم الحارث بن أنس بن رافع، ونظر خالد بن الوليد إلى خلاء الجبل وقلة أهله فكر بالخيل فتبعه عكرمة بن أبي جهل فانطلقا إلى موضع الرماة فحملوا على من بقي منهم فرماهم القوم حتى أصيبوا، ورمى عبد الله بن جبير حتى فنيت نبله، ثم طاعن بالرمح حتى انكسر، ثم كسر جفن سيفه فقاتلهم حتى قتل. فلما وقع جردوه ومثلوا به أقبح المثل، وكانت الرماح قد شرعت في بطنه حتى خرقت ما بين سرته إلى خاصرته إلى عانته، فكانت حشوته قد خرجت منها. قال خوات بن جبير: فلما جال المسلمون تلك الجولة مررت به على تلك الحال فلقد ضحكت في موضع ما ضحك فيه أحد ونعست في موضع ما نعس فيه أحد وبخلت في موضع ما بخل فيه أحد؛ فقيل: ما هي؟ فقال: حملته فأخذت بضبعيه وأخذ أبو حنة برجليه وقد سددت جرحه بعمامتي، فبينا نحن نحمله والمشركون ناحية إلى أن سقطت عمامتي من جرحه فخرجت حشوته ففزع صاحبي وجعل يتلفت وراءه يظن أنه العدو فضحكت، ولقد شرع لي رجل برمح يستقبل به ثغرة نحري فغلبني النوم وزال الرمح، ولقد رأيتني حين انتهيت إلى الحفر له ومعي قوسي، وغلظ علينا الجبل فهبطنا به إلى الوادي فحفرت له بسية القوس وفيها الوتر فقلت لا أفسد الوتر، فحللته ثم حفرت بسيتها حتى أنعمنا، ثم غيبناه وانصرفنا، والمشركون بعد ناحية وقد تحاجزنا فلم ينشبوا أن ولوا، وكان الذي قتل عبد الله بن جبير عكرمة بن أبي جهل، وليس لعبد الله بن جبير عقب. وأخوه