وأمها من بني جتدع، ويكنى حارثة أبا عبد الله، وشهد حارثة بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله، عليه السلام. قال حارثة ورأيت جبريل، صلى الله عليه وسلم، من الدهر مرتين: يوم الصورين حين خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى بني قريظة حين مر بنا في صورة دحية بن خليفة الكلبي فأمرنا بلبس السلاح، ويوم موضع الجنائز حين رجعنا من حنين مررت وهو يكلم النبي، صلى الله عليه وسلم، فلم أسلم فقال جبريل: من هذا يا محمد؟ قال: حارثة بن النعمان، قال: أما إنه من المائة الصابرة يوم حنين الذين تكفل الله بأرزاقهم في الجنة ولو سلم لرددنا عليه.
أخبرنا عبد الرحمن بن يونس قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال: حدثني محمد بن عثمان عن أبيه أن حارثة بن النعمان كان قد كف بصره فجعل خيطا من مصلاه إلى باب حجرته ووضع عنده مكتلا فيه تمر وغير ذلك، فكان إذا سلم المسكين أخذ من ذلك التمر ثم أخذ على الخيط حتى يأخذ إلى باب الحجرة فيناوله المسكين، فكان أهله يقولون: نحن نكفيك، فيقول: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول إن مناولة المسكين تقي ميتة السوء. قال محمد بن عمر: وكانت لحارثة بن النعمان منازل قرب منازل النبي، عليه السلام، بالمدينة، فكان كلما أحدث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أهلا تحول له حارثة بن النعمان عن منزل بعد منزل حتى قال: النبي، صلى الله عليه وسلم، لقد استحييت من حارثة بن النعمان مما يتحول لنا عن منازله. وبقي حارثة حتى توفي في خلافة معاوية بن أبي سفيان، رحمه الله، وله عقب من ولده أبو الرجال، واسمه محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان، وأم أبي الرجال عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة من بني النجار.