هذه نصيب الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب من ماء زمزم ثم لأمه، فأقبل الصبيان إلى ظئره: قتل محمد! قتل محمد! فاستقبلت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد أنتقع لونه، قال أنس: فلقد كنا نرى أثر المخيط في صدره.
أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: لما قدمت حليمة قدم معها زوجها وابن لها صغير ترضعه يقال له عبد الله وأتان قمراء وشارف لهم عجفاء قد مات سقبها من العجف ليس في ضرع أمه قطرة لبن، فقالوا: نصيب ولداً نرضعه، ومعها نسوة سعديات، فقدمن فأقمن أياماً، فأخذن ولم تأخذ حليمة، ويعرض عليها النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالت يتيم لا أب له، حتى إذا كان آخر ذلك أخذته وخرج صواحبها قبلها بيوم، فقالت آمنة: يا حليمة اعلمي أنك قد أخذت مولوداً له شأن، والله لحملته فما كنت أجد ما تجد النساء من الحمل، ولقد أتيت فقيل لي: إنك ستلدين غلاماً فسميه أحمد وهو سيد العالمين، ولوقع معتمداً على يديه رافعاً رأسه إلى السماء، قال: فخرجت حليمة إلى زوجها فأخبرته، فسر بذلك، وخرجوا على أتانهم منطلقة، وعلى شارفهم قد درت باللبن، فكانوا يحلبون منها غبوقاً وصبوحاً، فطلعت على صواحبها، فلما رأينها قلن: من أخذت؟ فأخبرتهن، فقلن: والله إنا لنرجو أن يكون مباركاً، قالت حليمة: قد رأينا بركته، كنت لا أروي ابني عبد الله ولا يدعنا ننام من الغرث، فهو وأخوه يريوان ما أحبا وينامان ولو كان معهما ثالث لروي، ولقد أمرتني أمه أن أسأل عنه؛ فرجعت به إلى بلادها، فأقامت به حتى قامت سوق عكاظ، فأنطلقت برسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى تأتي به إلى عراف من هذيل يريه الناس صبيانهم، فلما نظر إليه صاح: يا معشر هذيل! يا معشر العرب! فاجتمع إليه الناس من أهل الموسم، فقال: أقتلوا هذا الصبي! وانسلت به حليمة، فجعل الناس