قالوا: آخى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين معاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود لا اختلاف فيه عندنا. وأما في رواية محمد بن إسحاق خاصة ولم يذكره غيره، قال: آخى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين معاذ بن جبل وجعفر بن أبي طالب. قال محمد بن عمر: وكيف يكون هذا؟ وإنما كانت المؤاخاة بينهم بعد قدوم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المدينة وقبل يوم بدر، فلما كان يوم بدر ونزلت آية الميراث انقطعت المؤاخاة، وجعفر بن أبي طالب قد هاجر قبل ذلك من مكة إلى الحبشة فهو حين آخى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين أصحابه بأرض الحبشة وقدم بعد ذلك بسبع سنين، هذا وهل من محمد بن إسحاق. وشهد معاذ بدرا وهو بن عشرين أو إحدى وعشرين سنة فيما أخبرنا به محمد بن عمر عن أيوب بن النعمان عن أبيه عن قومه، وشهد أيضا معاذ أحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني معمر عن الزهري عن بن كعب بن مالك أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خلع معاذ بن جبل من ماله لغرمائه حين اشتدوا عليه وبعثه إلى اليمن، وقال: لعل الله أن يجبرك. قال محمد بن عمر: وذلك في شهر ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة.
أخبرنا يزيد بن هارون وأبو الوليد الطيالسي قالا: أخبرنا شعبة بن الحجاج عن أبي عون محمد بن عبيد الله عن الحارث بن عمرو الثقفي بن أخي المغيرة قال: أخبرنا أصحابنا عن معاذ بن جبل قال: لما بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى اليمن قال لي: بم تقضي إن عرض لك قضاء؟ قال قلت: أقضي بما في كتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قلت: أقضي بما قضى به الرسول، قال: فإن لم يكن فيما قضى به الرسول؟ قال قلت: أجتهد رأيي ولا آلو. قال فضرب صدري وقال: الحمد لله الذي وفق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لما يرضي رسول الله.