للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلى بن منية قالت: لما بلغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خمساً وعشرين سنة وليس له بمكة اسم إلا الأمين، لما تكامل فيه من خصال الخير، فقال له أبو طالب: يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي وقد اشتد الزمان علينا وألحت علينا سنون منكرة وليست لنا مادة ولا تجارة، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشأم، وخديجة ابنة خويلد تبعث رجالاً من قومك في عيراتها، فلو تعرضت لها، وبلغ خديجة ذلك فأرسلت إليه وأضعفت له ما كانت تعطي غيره، فخرج مع غلامها ميسرة حتى قدما بصرى من الشأم، فنزلا في سوق بصرى في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان يقال له نسطور: فاطلع الراهب إلى ميسرة، وكان يعرفه قبل ذلك، فقال: يا ميسرة من هذا الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة: رجل من قريش من أهل الحرم، فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، ثم قال: في عينيه حمرة؟ قال: ميسرة نعم لا تفارقه، قال الراهب: هو هو آخر الأنبياء، يا ليت أني أدركه حين يؤمر بالخروج! ثم حضر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سوق بصرى فباع سلعته التي خرج بها واشترى غيرها، فكان بينه وبين رجل اختلاف في شيء، فقال له الرجل: أحلف باللات والعزى، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما حلفت بهما قط واني لأمر فأعرض عنهما، قال الرجل: القول قولك، ثم قال لميسرة، وخلا به: يا ميسرة هذا والله نبي! والذي نفسي بيده انه لهو تجده أحبارنا في كتبهم منعوتاً، فوعى ذلك ميسرة، ثم انصرف أهل العير جميعاً، وكان ميسرة يرى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا كانت الهاجرة وأشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو على بعيره، قالوا: كأن الله قد ألقى على رسوله المحبة من ميسرة، فكان كأنه عبد لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما رجعوا فكانوا بمر الظهران قال: يا محمد انطلق إلى خديجة فاسبقني فأخبرها بما صنع الله لها

<<  <  ج: ص:  >  >>