ذلك. فأخرجته فإذا سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، فلما رأوها قالوا: والله لا تغيبه أبدا. ثم صلبوه على خشبة ورجموه بالحجارة وجاؤوا بآخر فجعلوه مكانه. قال سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس كان خيرا منه أعظم رغبة في الآخرة ولا أزهد في الدنيا ولا أدأب ليلا ولا نهارا منه، وأحببته حبا ما علمت أني أحبت شيئا كان قبله. فلما حضره قدره قلت له: إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى فماذا تأمرني وإلى من توصي بي؟ قال: أي بني ما أرى أحدا من الناس على مثل ما أنا عليه إلا رجلا بالموصل، فأما الناس فقد بدلوا وهلكوا. فلما توفي أتيت صاحب الموصل فأخبرته بعهده إلي أن ألحق به وأكون معه، قال: أقم. فأقمت معه ما شاء الله أن أقيم على مثل ما كان عليه صاحبه، ثم حضرته الوفاة فقلت: إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي؟ قال: أي بني والله ما أعلم أحدا على أمرنا إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به. قال فأتيت على رجل على مثل ما كان عليه صاحباه فأخبرته خبري فأقمت معه ما شاء الله أن أقيم، فلما حضرته الوفاة قلت له: إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان وفلان إلى فلان وفلان إليك، فإلى من توصي بي؟ قال: أي بني، والله ما أعلم أحدا من الناس على ما نحن عليه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم فإن استطعت أن تلحق به فالحق. فلما توفي لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري وخبر من أوصى بي حتى انتهيت إليه فقال: أقم، فأقمت عنده فوجدته على مثل ما كان عليه أصحابه، فمكثت عنده ما شاء الله أن أمكث وثاب لي شيء حتى اتخذت بقرات وغنيمة، ثم حضرته الوفاة فقلت له: إلى من توصي بي؟ فقال لي: أي بني، والله ما أعلم أنه أصبح في الأرض أحد على مثل ما كنا عليه آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث بدين إبراهيم الحنفية يخرج من أرض مهاجره وقراره ذات نخل بين حرتين، فإن استطعت أن تخلص إليه فاخلص وإن به آيات لا تخفى