تمرا على ركابي ما كانت، فأرجع به إلى أهلي، فلما سارت الأحزاب إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سرت مع قومي وأنا على ديني ذلك. وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بي عارفا فقذف الله في قلبي الإسلام فكتمت ذلك قومي وأخرج حتى آتي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين المغرب والعشاء فأجده يصلي، فلما رآني جلس ثم قال: ما جاء بك يا نعيم؟ قلت: إني جئت أصدقك وأشهد أن ما جئت به حق، فمرني بما شئت يا رسول الله، قال: ما استطعت أن تخذل عنا الناس فخذل، قال قلت: ولكن يا رسول الله أني أقول؟ قال: قل ما بدا لك فأنت في حل. قال فذهبت إلى بني قريظة فقلت: اكتموا عني، قالوا: نفعل، فقلت: إن قريشا وغطفان على الانصراف عن محمد، عليه السلام، إن أصابوا فرصة انتهزوها وإلا استمروا إلى بلادهم، فلا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا منهم رهنا، قالوا: أشرت بالرأي علينا والنصح لنا. ثم خرج إلى أبي سفيان بن حرب فقال: قد جئتك بنصيحة فاكتم عني، قال: أفعل، قال: تعلم أن قريظة قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد، عليه السلام، وأرادوا إصلاحه ومراجعته، أرسلوا إليه وأنا عندهم إنا سنأخذ من قريش وغطفان سبعين رجلا من أشرافهم نسلمهم إليك تضرب أعناقهم ونكون معك على قريش وغطفان حتى نردهم عنك وترد جناحنا الذي كسرت إلى ديارهم، يعني بني النضير، فإن بعثوا إليكم يسألونكم رهنا فلا تدفعوا إليهم أحدا واحذروهم. ثم أتى غطفان فقال لهم مثل ما قال لقريش، وكان رجلا منهم، فصدقوه. وأرسلت قريظة إلى قريش: إنا والله ما نخرج فنقاتل معكم محمدا، صلى الله عليه وسلم، حتى تعطونا رهنا منكم يكونون عندنا فإنا نتخوف أن تنكشفوا وتدعونا ومحمدا. فقال أبو سفيان: هذا ما قال نعيم، وأرسلوا إلى غطفان ما أرسلوا إلى قريش، فقالوا لهم مثل ذلك، وقالوا جميعا: إنا والله ما نعطيكم