فداك أبي! إن معاوية إنما يقدمك للموت، إن كان لك الظفر فهو يلي وإن قتلت استراح منك ومن ذكرك فأطعني واعتل. قال: ويحك قد عرفت ما قلت. فقالت له امرأته بحرية بنت هانئ: ما لي أراك مشمرا؟ قال: أمرني أميري أن أسير في الشهباء، قالت: هو والله مثل التابوت لم يحمله أحد قط إلا قتل. أنت تقتل وهو الذي يريد معاوية. قال: اسكتي والله لأكثرن القتل في قومك اليوم. فقالت: لا يقتل هذا، خدعك معاوية وغرك من نفسك وثقل عليه مكانك، قد أبرم هذا الأمر هو وعمرو بن العاص قبل اليوم فيك، لو كنت مع علي أو جلست في بيتك كان خيرا لك، قد فعل ذلك أخوك وهو خير منك. قال: اسكتي، وهو يتبسم ضاحكا، لترين الأسارى من قومك حول خبائك هذا. قالت: والله لكأني راكبة دابتي إلى قومي أطلب جسدك أواريه، إنك مخدوع، إنما تمارس قوما غلب الرقاب فيهم الحرون ينظرونه نظر القوم إلى الهلاك لو أمرهم بترك الطعام والشراب ما ذاقوه. قال: أقصري من العذل فليس لك عندنا طاعة. فرجع عبيد الله إلى معاوية فضم إليه الشهباء، وهم اثنا عشر ألفا، وضم إليه ثمانية آلاف من أهل الشام فيهم ذو الكلاع في حمير، فقصدوا يؤمون عليا فلما رأتهم ربيعة جثوا على الركب وشرعوا الرماح حتى إذا غشوهم ثاروا إليهم واقتتلوا أشد القتال ليس فيهم إلا الأسل والسيوف، وقتل عبيد الله وقتل ذو الكلاع، والذي قتل عبيد الله زياد بن خصفة التيمي. وقال معاوية لامرأة عبيد الله: لو أتيت قومك فكلمتهم في جسد عبيد الله بن عمر. فركبت إليهم ومعها من يجيرها فأتتهم فانتسبت فقالوا: قد عرفناك، مرحبا بك فما حاجتك؟ قالت: هذا الجسد الذي قتلتموه فأذنوا لي في حمله. فوثب شباب من بكر بن وائل فوضعوه على بغل وشدوه وأقبلت امرأته عسكر معاوية فتلقاها معاوية بسرير فحمله عليه وحفر له وصلى عليه ودفنه ثم جعل يبكي ويقول: قتل بن الفاروق