إلى وسادة فوضعتها على وجهه فلم تزل هي وجواريها يغممنه حتى مات، ثم قامت فشقت عليه جيبها وأمرت جواريها وخدمها فشققن وصحن عليه وقلن: مات أمير المؤنين فجأة. وذلك في هلال شهر رمضان سنة خمس وستين. وكان مروان يومئذ بن أربع وستين سنة، وكانت ولايته على الشام ومصر لم يعد ذلك ثمانية أشهر، ويقال ستة أشهر. وقد قال علي بن أبي طالب له يوما ونظر إليه: ليحملن راية ضلالة بعدما يشيب صدغاه وله إمرة كلحسة الكلب أنفه.
وبايع أهل الشام بعده لعبد الملك بن مروان فكانت الشام ومصر في يد عبد الملك كما كانتا في يد أبيه، وكان العراق والحجاز في يد بن الزبير، وكانت الفتنة بينهما سبع سنين، ثم قتل بن الزبير بمكة يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادي الأولى سنة، ثلاث وسبعين وهو بن اثنتين وسبعين سنة واستقام الأمر لعبد الملك بن مروان بعده.
وكان مروان قد روى عن عمر بن الخطاب: من وهب هبة لصلة رحم فإنه لا يرجع فيها.
وروى أيضا عن عثمان وزيد بن ثابت وبسرة بنت صفوان، وروى مروان عن سهل بن سعد الساعدي. وكان مروان في ولايته على المدينة يجمع أصحاب رسول الله يستشيرهم ويعمل بما يجمعون له عليه. وجمع الصيعان فعاير بينها حتى أخذ أعدلها فأمر أن يكال به، فقيل صاع مروان، وليست بصاع مروان إنما هي صاع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكن مروان عاير بينها حتى قام الكيل على أعدلها.