كلام وشر، فلم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفا شديدا ومعهما النساء والذرية، فأساء جوارهم وحصرهم وآذاهم، وقصد لمحمد بن الحنفية فأظهر شتمه وعيبه وأمره وبني هاشم أن يلزموا شعبهم بمكة، وجعل عليهم الرقباء وقال لهم فيما يقول: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار. فخافوا على أنفسهم.
قال سليم أبو عامر: فرأيت محمد بن الحنفية محبوسا في زمزم والناس يمنعون من الدخول عليه فقلت: والله لأدخلن عليه، فدخلت فقلت: ما بالك وهذا الرجل؟ فقال: دعاني إلى البيعة فقلت إنما أنا من المسلمين فإذا اجتمعوا عليك فأنا كأحدهم، فلم يرض بهذا مني، فاذهب إلى بن عباس فأقرئه مني السلام وقل يقول لك بن عمك ما ترى؟
قال سليم: فدخلت على بن عباس وهو ذاهب البصر فقال: من أنت فقلت: أنصاري، فقال: رب أنصاري هو أشد علينا من عدونا. فقلت: لا تخف، فأنا ممن لك كله. قال: هات. فأخبرته بقول بن الحنفية فقال: قل له لا تطعه ولا نعمة عين إلا ما قلت، لا تزده عليه. فرجعت إلى بن الحنفية فأبلغته ما قال بن عباس، فهم بن الحنفية أن يقدم إلى الكوفة وبلغ ذلك إلى المختار فثقل عليه قدومه فقال: إن المهدي علامة يقدم بلدكم هذا فيضربه رجل في السوق بالسيف لا تضره ولا تحيك فيه. فبلغ ذلك بن الحنفية فأقام فقيل له: لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة فأعلمتهم ما أنتم فيه. فبعث أبا طفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة، فقدم عليهم فقال: إنا لا نأمن بن الزبير على هؤلاء القوم. وأخبرهم بما هم فيه من الخوف، فقطع المختار بعثا إلى مكة فانتدب منهم أربعة آلاف، فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم وقال له: سر فإن وجدت بني هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضدا وانفذ لما أمروك به، وإن وجدت بن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى بن الزبير ثم لا تدع